إلى الأمام... لا نهرب، بل نتقدم

25/02/2009
محمد كناعنة – أمين عام حركة أبناء البلد لم تستطع حتى اللحظة الأحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست الصهيوني من تجاوز، وعبور أمواج الغبار التي خلفتها هذه المعركة وهي بحكم بعضها "أم المعارك"، وهي بالنسبة للبعض الآخر معركة "نكون أو لا نكون". ونحن إذ نختلف مبدئيًا مع موقف المشاركة لكننا نحترم كل الاجتهادات ونخوض معها نقاشًا سياسيًا وفكريًا حضاريًا، بعيدًا عن التشنج الأرعن والاتهامات على الشمال واليمين وفي أغلب الأحيان مُطلقيها ليسوا على قدر ما يقولون، ولكننا لن نخوض في الشخوص احترامًا لجماهيرنا وللقراء أولاً وللمبدأ القائل" الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"...

ونحن إذ لا نبحث عن الإفساد، وإنما نسعى للود فيما بيننا، وعملا بقولنا الدائم إنّ سيف العنصرية والفاشية مسلط على رقابنا جميعًا... ولا فكاك لنا من الوحدة النضالية في مواجهة مصيرنا المشترك، ولكن وبالرغم من ذلك لا بُدّ لنا من بعض الملاحظات السريعة على "أم المعارك" وما رافقها قبل وبعد..

أولاً: لقد خاضت الأحزاب العربية المعركة الانتخابية على قاعدة ردة الفعل على تصريحات ليبرمان، والتهويل والتخويف من هذا الأزعر، ومحاولة بث الذعر بين الجماهير العربية الفلسطينية، والتحذير من تيار المقاطعة، ووضعنا نحن أصحاب هذا الموقف المبدئي في كفة واحدة مع زميلهم على مقاعد الكنيست. والأنكى في الأمر إنّ مثل هذا التوصيف يصدر عن قيادات رئيسية في بعض الأحزاب.

ثانيًا: كانت المعركة على أشدّها بين الأحزاب العربية.. واستُعملت فيها كل التقنيات الحديثة.. وكل الألفاظ البذيئة... وكل التشويهات المرفوضة... ولم تتفق الأحزاب العربية وقياداتها قاطبة إلاّ على نقطة واحدة، وهي مواجهة تيار المقاطعة المتنامي بين الجماهير العربية. وهنا لا بُدّ من وقفة حول الأمر.. فنسبة المقاطعة تجاوزت ال 49 بالمائة، بمعنى ارتفاع كبير في النسبة الرسمية، لكن الحقيقة التي نعلمها نحن جيدًا ويعلمها قادة وكوادر الأحزاب العربية هي أنّ نسبة التصويت الحقيقية بين العرب في البلاد لم تتجاوز ال 30 بالمائة، وأنا مسؤول عما أقول، ففي الكثير من الصناديق تم رشوة مندوبي حزب براك ببعض الأصوات حتى يتم تقاسم مئات الأصوات بين الأحزاب العربية في كل صندوق. ولن يمنعنا أحد من قول ما نعلم وما نعرف، ولكن أن تصل الأمور عند هؤلاء باتهام تيار المقاطعة "بالوشاية" فهذه والله كبيرة عليكم.

ثالثًا: ما زالت الأحزاب العربية تتراشق وتكيل التُهم لبعضها البعض، وأصبح لدى الأحزاب منتجين فنيين، كل يوم يطلون علينا بفيلم قصير عبر الشبكة العنكبوتية (الفيسبوك)، وهم بهذا يُسيئون لنا جميعًا وليس لعزمي بشارة أو لمحمد بركة أو لدوف حنين، على هذا أن يتوقف، وأن يعود الحوار والنقاش إلى قاعدته الأولى التي تجمعنا... "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية". وهنا أنا لا أدعو إلى تجاوز الخلافات السياسية والفكرية على قاعدة "كنس الأوساخ وإخفاءها تحت السجادة"، إنما على العكس من ذلك ليبقى الحوار والاختلاف قائمين، ونحن بدورنا لن نتنازل عن نقاش كل الأفكار التي لا نتفق معها ونكنُ احترامًا لأصحابها. "هذه القاعدة لا تنطبق على وكلاء وعملاء الأحزاب الصهيونية في مجتمعنا العربي".

وعلى قاعدة "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" نقول إنّ الانتخابات للكنيست من ورائنا، وتحديات المستقبل أمامنا، وفي خضم هذا وذاك يبقى الحراك الداخلي مطلوبًا منه أن يصل إلى نقطة قد تكون مفصلية في سلوكنا السياسي.

وليس خافيًا على أحد أننا في حركة أبناء البلد، كنا وما زلنا مع الموقف الداعي إلى انتخاب كل هيئاتنا التمثيلية مباشرة من قبل الجماهير العربية، وفي مقدمتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.

ومن المهم أنّ هذا الموقف لا يأتي، وليس نابعًا من باب المواجهة مع الكنيست أو الداعين للذهاب إليها، وإنما يأتي من رؤية سياسية وطنية واضحة تدعو إلى التعامل مع المرحلة على قاعدة التمايز وليس الانعزال.. فهذه المرحلة نعتبرها مؤقتة، والنضال مستمر، والاشتباك بين شعبنا الفلسطيني والأمة العربية وأحرار العالم من جهة والامبريالية والصهيونية وقوى الرجعية والظلم والاضطهاد هو اشتباك مفتوح وطويل، والجماهير العربية في البلاد جزء لا يتجزأ من هذا النضال ليس شعاراتيًا فقط.

وما نضالنا ضد البطالة وفي مواجهة تفشي المخدرات أو التسرب من المدارس ومن أجل الميزانيات وضد مصادرة الأراضي ومن أجل استعادة ما صودر وضد هدم البيوت والسياسة العنصرية، وفي معركة الدفاع والحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية، إلاّ جزأً من نضالنا المركزي كجزء حي وفاعل من الشعب الفلسطيني. نضال البقاء والعودة، الصمود والكرامة.. فإذا كان هذا النضال مشروعًا "هذا ما تصرح به كل الأحزاب العربية" فلماذا لا يكون تنظيم أنفسنا على قاعدة التمايز أمرًا مشروعًا أيضًا ؟ ولماذا لا تنتخب لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد انتخابًا مباشرًا من قبل هذه الجماهير؟ والسؤال الواجب طرحهُ ونقاشهُ، والبحث معًا عن إجابة عليه، بعيدًا عن المزاودات والمناكفات:- "إلى أين نريد أن نصل في حوارنا الداخلي – الداخلي؟".

معًا على الدرب محمد كناعنة – أبو أسعد أمين عام حركة أبناء البلد 25.02.09