بيان من المبادرة الوطنية الاردنية

10/02/2010
حول اعتقال اثنين من قادتها: سفيان التل وموفق محادين
ان عملية اعتقال القادة الوطنيين سفيان التل وموفق محادين، جاءت في سياق الهجمة الصهيو- امريكية، ودق طبول الحرب ضد سوريا والمقاومة وايران، وانعكاسها على الصعيد الوطني، وبحسب قانون التبعية، الذي يعكس متطلبات هذه المخططات في السياسية المحلية، بقمع الحريات العامة وملاحقة المناضلين والنشطاء السياسيين وقادة الفكر وجميع الملتزمين في قضايا وطنهم وامتهم، ان هذه الاجراءات القمعية والتي سبق وأن نبهت المبادرة الوطنية الاردنية ببيناتها المتتابعة، واستناداً الى نهج التحليل العلمي الواقعي الذي اتبعته المبادرة الوطنية الاردنية لسيرورة تطور الاحداث التي تمر بها البلاد، بدءاً بحل البرلمان وتشكيل حكومة الرفاعي، كما شخصتهما المبادرة الوطنية الاردنية، بكونهما مقدمة لتنفيذ مخطط تفكيك الدولة والمجتمع، تمهيداً لتمرير مشروع البينولوكس الثلاثي ( كونفودرالية الاراضي المقدسة) الذي يتشكل من دولة (الكيان الصهيوني) وسلطتين (فلسطينية واردنية)، وصولاً لبيانها حول حال الامة، الذي تناول جوهر مشروع الشرق الاوسط الجديد/ الكبير، الذي يهدف الى تفتكيك المنطقة واعادة المجتمعات الى مجاميع ما قبل الدولة، لضمان ديمومة التبعية لدول المركز الرأسمالي، وضمان تفوق الكيان الصهيوني كقوة اقليمية وحيدة في المنطقة.

ان اعتقال القادة الوطنيين سفيان التل وموفق محادين ما هو الا تعبير عن الازمة الشاملة التي تعيشها حكومة الرفاعي، كما شخصتها المبادرة الوطنية الاردنية في بيانها الاخير (ما الجديد في حكومة الرفاعي)، على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والامنية والسياسية والتعليمية، وأن التهم الملفقة والمنسوبة اليهما، ما هي الا عناوين لممارسات المؤسسات الرسمية، والتي دأبت المبادرة على التحذير منها ومن انعكاساتها، على صعيد الامن الوطني بجوانبية المتعددة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. هل يكفي عودة الهيبة للدولة على الصعيد الأمني فقط، أم أن شروط عودة الهيبة الحقيقية للدولة تكمن في: حماية الشعب من تغول السماسرة والتجار على لقمة عيشه، وحماية الشرائح الضعيفة والفقيرة في المجتمع من غول الجوع والمرض والجهل، وعودة الدولة للتدخل في آلية السوق. أن حصر عودة هيبة الدولة في الجانب الأمني، ما هو الاّ تزييف لوعي شعبنا، وقلبا للحقائق، فالخروج على القانون والنظام، هو في الأساس خروج مسؤولي مؤسسات الدولة ذاتهم على قوانينها وانظمتها، وفي تغول السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، التشريعية والقضائية وكذلك الاعلامية، فتزوير الانتخابات العامة: البرلمانية والبلدية، وانتخابات النقابات العمالية، والاتحادات والمنتديات... الخ، هي اكثر انواع الفساد انحطاطا، لأنها تزوّر ارادة الاردنيين.

وأن سياسة اثارت النعرات والفتن العشائرية والجهوية والاقليمية في الجامعات والتجمعات، هي الطريق الذي سيؤدي الى تمرير مشروع التفكيك للدولة والمجتمع ، ألم تحسب الفئة الحاكمة لتداعيات هذه الاحداث على الدولة ذاتها، حيث يمكن أن تتحول الى دولة فاشلة جراء انفلات هذه الاحداث من عقالها، والخروج على الدستور هو في التجاوز على النصوص الدستورية، في معاهدة وادي عربة، بخصوص أولوية العلاقة مع العدو الاسرائيلي، على حساب انتماء الاردن العربي، (الأردن جزء من الأمة العربية كما هو نص المادة الاولى من الدستور)، وفي الجوهر قمة التجاوز، هو فعل التجاوز على قانون التطور الطبيعي للمجتمع الاردني، التجاوز على قانون التنمية الوطنية الحقيقية، الذي يحكم جل التحولات والتطورات الاجتماعية والقانونية والامنية.. الخ.

ان بعض الاجراءات وكثير من المؤشرات تشير الى حقبة قادمة من القمع والتضيق على الحريات العامة، وتقييد حرية الصحافة، وخاصة في ظل عودة المحافظين الجدد بقوة على صعيد رسم السياسات الامريكية، وانعكاس ذلك على السياسة الاردنية، كون السياسة الاردنية مرتبطة استراتجيا بالسياسة الامريكة، كما يصرح بذلك ليلا ونهارا المسؤولين الاردنيين انفسهم، ان اجراءات تقييد الحريات عادة ما تكون مقدمة لخطوات مرسومة وقيد التنفيذ، وهي بالطبع تصب ضد مصلحة الاغلبية العظمى من الشعب، أن الاستمرار في صياغة واقرار القوانين العامة، التي تمس حقوق اساسية لكينونة الانسان الاردني، وطبخها في غرف مغلقة، من قبل حفنة من الاشخاص المنعزليين عن المجتمع، لا يمكن الاستمرار بقبوله، خاصة وان هناك تضارب في المصالح بينهم وبين الشعب، فجل هذه القوانين فيها تجاوز على الدستور، الذي يضمن اباحة الحريات والتنظيم السياسي للمواطنين.

فالخطر الحقيقي على الوطن والمجتمع، يتمثل بعملية تفكيك الدولة والمجتمع، الذي سيتوج باللامركزية، مقدمة لتمرير مشروع "البنيولوكس"، أو مشروع " اتحاد الاراضي المقدسة" الذي سرب من قبل المخابرات المركزية الامريكية. تضع المبادرة الوطنية الاردنية بين ايدي شعبنا الاردني، الملاحظات التالية:

1. أن حكومة الرفاعي تمثل بشكل فعلي وواقعي مصالح الشركات الاجنبية ومصالح السماسرة وكبار التجار والملاّك، وهي حكومة تحالف البيروقراط المدنية والعسكرية والكمبرادور، ولهذا تحديدا ليس في مصلحتها تغيير النهج السائد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، حيث وضعت الدولة والمجتمع الاردني تحت انتداب الصندوق والبنك الدوليين.

2. ان حكومة الرفاعي غير مؤهلة على حماية الوطن من الاخطار الحقيقية التي تجابهه، وخاصة خطر ابتلاع الاردن من قبل الكيان الصهيوني، تحت أسم مشروع "البنيولوكس" أو مشروع "اتحاد الاراضي المقدسة"، وحدة بين دولة اسرائيل وسلطة فلسطينية وسلطة اردنية، بعد تفكيك الدولة الاردنية، فحماية الوطن تتطلب عودة الدولة الى دورها في بناء الاقتصاد الوطني والمجتمع المنتج، وهذا يشترط استعادة المؤسسات والشركات الوطنية التي تم بيعها، استعادة الدولة لدورها في السوق، وحماية الشرائح الاجتماعية الضعيفة والفقيرة، والعدول عن مشروع اللامركزية،اعادة الاردن الى حاضنته العربية، وحشد الطاقات الاردنية والعربية، وهي هائلة، في مجابهة المشاريع الصهيو- امريكية.

3. ان حكومة الرفاعي غير مؤتمنة وغير مؤهلة لاعداد واجراء انتخابات نيابية بطريقة شفافة ونزيهة، وذلك لأن الشروط المسبقة غير متوفرة، وفي المقدمة: شرط فصل السلطات، وشرط التحرر من انتداب الصندوق والبنك الدوليين، وشرط كسر التبعية، وشرط بناء الاقتصاد الوطني، لكي تتحرر من شروط المساعدات الخارجية التي تستدعي شروطا واملاءات على الاردن يجب القبول بها، كونها الجانب المستقبل للمساعدات.

4. الصراع الحقيقي في المجتمع الاردني بين طرفين، قلة تستغل وتهيمن على مقدرات الدولة والمجتمع، وتفرط بالدولة وبالثروات، وكثرة مستغلة ومظطهدة ومستلبة، تعيش حالة احباط ويأس واستلاب، كما ان الصراع يجري بين نهجين متضادين، نهج التبعية الذي يولد الأزمات المتتالية التي تحل على حساب الاغلبية العظمى من جماهير شعبنا، ونهج الاستقلال الذي يضمن التنمية الوطنية والازدهار، وتحقيق الكرامة الشخصية والوطنية، المشكلة الحقيقية تكمن في حالة الاحباط والياس والشعور بعدم القدرة على احداث التغيير المنشود، لدى القوى الاجتماعية المعنية بعملية التغيير، فالبحث عن حل لهذه المعضلة هو المهمة، التي يجب طرحها على جدول اعمال القوى الاجتماعية الحية.

5. وحدة المجتمع الاردني تتطلب الكف عن ترداد مقولة "المنابت والأصول"، وتخويف المواطنين بعضهم من بعض، لأن كل الاردنين هم ابناء مخلصين للأردن وفلسطين وللأمة العربية التي ينتمون اليها، وهدفهم واحد ومصيرهم واحد، والكف عن ترديد مشاريع وهمية، الهدف منها خلق فزاعات، "الوطن البديل"، "الخيار الاردني"، "الدولة اليهودية"، والالتفات الى مجابهة المشاريع الحقيقية، التي يجري انفاذها على ارض الواقع، وفي المقدمة تفكيك الدولة والمجتمع .

6. ان استنهاض المجتمع وحشد طاقاته، لأنقاذ الوطن والشعب من الهيمنة والاستلاب والتبعية، تتطلب من قوى المجتمع صاحبة المصلحة الحقيقة والنهائية بتحقيق التحرر والتقدم، والاستعداد العالي للتضحية، واعادة الاعتبار للكرامة الوطنية والشخصية الانسانية، والاقلاع عن سياسة ردات الفعل، بل يجب الانتقال الى حالة الفعل، والعمل على كسر احتكار اتخاذ القرارات المصيرية من قبل فئة ضئيلة معزولة عن الشعب وهمومه، فلا يمكن لهذا الشعب الاستمرار في قبول الاجراءات الحكومية التي تمس لقمة عيشه ومستقبله، ولا يمكن له ايضا القبول بسياسة القوى الاجتماعية التي تتواطئ معه في تمرير هذه الاجراءات. أن المبادرة الوطنية الاردنية، تدعوا كافة القوى الاجتماعية الحية بالتحرك والضغط من اجل، الافراج الفوري عن مناضليها، القادة الوطنيين، وتحذر من مغبة الاستمرار في هذه الممارسات القمعية.

"كلكم للوطن والوطن لكم"