Site-Logo
Site Navigation

نحو تحالف العودة في فلسطين 48

17. May 2007

واولوية توفير البنية لمشروع العودة

أمير مخول- فلسطين المحتلة

تدخل نكبتنا نحن الشعب الفلسطيني عامها الستين، والحديث عن ستة عقود من النكبة المتواصلة وليس عن تاريخ وذكرى. وان لم تكن النكبة هي بداية المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري في فلسطين الا انها هي الحدث المؤسس لما تلاها. وهي التعبير الجوهري الادق للمشروع الصهيوني.
والمحطة السنوية التي نبلغها مع انتصاف شهر ايار من كل عام هي للتنبيه والتذكير والتمعن بان ما يجري في كل عام هو استمرار لذات النكبة ووجه اخر لها. فاسرائيل هي اسرائيل وليدة الجريمة الكبرى للمشروع الصهيوني ومواصلة له.
وفي المقابل فان ابقاء النكبة على جدول اعمالنا واعمال المجتمع الدولي هي نقيض للمشروع الصهيوني ولكل من ينظر الى التاريخ من باب توازن قوى مرحلي. فالقوة لا تقاس بآلة الحرب والهيمنة وحدها، بل انه يكفي احيانا ان المقموع والضحية لا يسلّم بسلب حقه وفي حالتنا لا يسلّم بأحقيته في وطنه وبيته، او ان يورث اللاجيء صورة بيته ودفئه الى اولاده وبناته والاجيال التي تلامس بيتها العائلي وبيتنا الجماعي اللذين قامت اسرائيل على انقاضهما بعد ان هدمتهما وسيطرت علي المكان.
وهذا يفسر واقعا من التناقضات الفلسطينية التي يجب ان تشغلنا لان فيها فرصة هامة جدا في تصور مستقبلي. والتناقض الصارخ على السطح في هذه الحالة، هو انه كلما تعثر المشروع الوطني الفلسطيني وتعمقت ازمة القيادة المفقودة وفقدت السيادة والانهيار شبه التام لحركة التحرر الوطني الفلسطيني المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية Ù… ت ف، فان حق العودة للاجئين يصبح اكثر محورية عاما بعد عام. وغياب احلال الشرعية الدولية والقانون الدولي يعيد حق العودة الى مركز العمل الفلسطيني، وتزداد سياسة تجزيء الشعب الفلسطيني حدة ومقابلها تتعاظم المطالب وتظهر الارادة بوحدة القضية الفلسطينية، ومع انهيار اسس حل الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل في الضفة والقطاع يعود الى جدول الاعمال مشروع حل الدولة الواحدة ليتعامل مع الغبن التاريخي وكل مركبات القضية الفلسطينية. كل هذا يحدث في احلك “الليالي” الفلسطينية.
وفي هذا مؤشرات الى ان المسألة لا تنحصر فقط في طبيعة الصراع وتوازن القوى ومركبات القضية الفلسطينية – اي مركبات الغبن التاريخي الذي يدفع الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ثمن اسقاطاته منذ عقود طويلة. فقد اثبتت مراحل المد النضالي الفلسطيني او العربي ان توازن القوى المطلوب هو ليس المساواة بالقوة بل ردعها وخلق وضع لا تستطيع ان تحقق اسرائيل اهدافها من خلال قوة آلتها العدوانية.
والاشارة هنا الى ان مسؤولية المشروع الوطني التحرري الفلسطيني تقع اولا وقبل كل شيء على الشعب الفلسطيني كله. ولذلك فالشعب الفلسطيني كله مستهدف ضمن مخطط واحد، هو المخطط الصهيوني الاسرائيلي الاستعماري العنصري المدعوم بشكل مطلق من الادارة الامريكية والذي يتمتع بتواطوء اوروبي رسمي وحتى من انظمة عربية معينة. وليس خفيا ان اسرائيل سعت وتسعى منذ العام 1948 ولغاية اليوم الى القضاء على بنية الشعب الفلسطيني كشعب من خلال تشتيته وتجزيئه وتجزيء اجزائه من اجل القضاء على مقومات مشروعه التحرري. وان كان الحديث مرة عن ثلاثة اجزاء للشعب الفلسطيني – فلسطينيو ال48ØŒ الشتات والمناطق الحتلة عام 1967) فاليوم وعلى ارض الواقع الضفة الغربية معزولة تماما عن قطاع غزة المحاصر، وكلاهما معزول عن القدس المحتلة وميدانيا فان شمال الضفة معزول عن جنوبها وتقطيع اوصالها بالحواجز وجدار الفصل العنصري الصهيوني كلها تستهدف المشروع الفلسطيني الوطني التحرري، وان تضع الشعب الفلسطيني “يلهو” في هذه الخانة، بينما تطلق اسرائيل لذاتها العنان ان تبتز فلسطينيا وعربيا وعاليما اعترافا بها كدولة يهودية وليس فقط كدولة. وفي السياق ذاته تبتز اخلاقيا صفة الضحية التي تعاني من السلوك الفلسطيني وما تسميه العنف الفلسطيني او الارهاب الفلسطيني وبانها دولة مسالمة، لتطلق وزيرة خارجيتها التصريحات انها تؤيد عودة لاجئين فلسطينيين لكن!! الى دولة فلسطين وليس الى اسرائيل، اي لتلك الدويلة مقطعة الاوصال على بعض اجزاء الضفة والقطاع وخارج القدس، عديمة السيادة والتي تشكل حماية امن اسرائيل هاجسها ووظيفتها الاساسية.
وان كانت بنية الشعب الفلسطيني للنضال التحرري هي المستهدفة وهي التي ضعفت في اعقاب مشروع اوسلو التجزيئي والذي أسقط اسرائيليا كونه بالامكان وفق المعادلة الاسرائيلية الامريكية اختزال المزيد من حقوق الشعب الفلسطيني وتوفير ضمانات اثبت واكثر جوهرية لمشروع لاسرائيل، فان الهدف ونحن ندخل مع النكبة العام ال60 يجدر ان يكون توفير البنية الضرورية للشعب الفلسطيني كله ان يدافع عن حقوقه وان ينطلق من جديد لاحقاقها الممكن فقط بالنضال التحرري المتواصل ضمن مشروع قائم على اصحاح الغبن التاريخي. والقصد بالشعب الفلسطيني كله هو ان قضية اللاجئين والمهجرين هي قضيتنا جميعا كما ان الضفة والقطاع والقدس وفلسطين48 كلها قضيتنا الواحدة جميعا.
ومثل هذا المشروع لا تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية حمله، فهي محددة بسقف اوسلو وعديمة السيادة، بل انه بحاجة الى منظمة التحرير الفلسطينية كحاملة المشروع التحرري وكقيادة لكل الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده وهي اداة ذات سيادة منبثقة من الشعب الفلسطيني ونتاج نضاله. والشرط الاهم هنا هو تحرير منظمة التحرير من اسر السلطة الفلسطينية، والمعادلة ينبغي ان تخضع فعليا السلطة الى المنظمة وليس العكس. لكن مثل هذا الامر لن يحدث من تلقاء نفسه. بل ان حركة الناس، والتحركات القاعدية المجتمعية الفلسطينية هي في صميم هذا المشروع، وتقاسم الهم الفلسطيني وازالة الحدود القسرية بين المجموعات الفلسطينية وحدود عملها ووعي التجزيء هي ايضا في صميم هذا المشروع.
العام الستون من النكبة هو مناسبة لاعطاء زخم فلسطيني ودولي لجوهر القضية الفلسطينية وفي مقدمة ذلك الغبن التاريخي وحق العودة للاجئين بمن فيها المهجرين. واذ اثبتت السنوات العشر الاخيرة انه ورغم ازمة القيادة الفلسطينية وازمة حركة التحرر الوطني العميقة جدا، الا ان المبادرات الشعبية المتعلقة بالنضال من اجل حق العودة والتي انطلقت في الوطن والشتات وتتسع دائرتها وفعل تاثيرها بتسارع واستمرار – فلسطينيا ودوليا – هي مؤشر للطاقات الهائلة ضمن الشعب الفلسطيني والتي لا تنضب بتمسكه بثوابته وصيانة حقوقه وتحقيق اهداف مشروعه التحرري القائم على الحق الانساني الذي تملكه الناس ولا تتنازل عنه.
في العام الستين للنكبة نحن مطالبون كشعب بكل انشطته ومبادراته ومؤسساته، ان نعمل من اجل تثبيت حق العودة في ذهن الراي العام العالمي، وهو تحد كبير لكن اضافة الى طاقاتنا يوجد لنا حلفاء في كل بقاع العالم. والفعل الفلسطيني هو المحرك الاساس لاي تحرك دولي شعبي ام رسمي.
المطلوب ايضا من حركة العودة الفلسطينية ان تجد الجوهري في عملها وان تنتظم ضمن تحالف فلسطيني واحد منسّق ومتناغم يستقطب كل ذوي الشأن من مؤسسات وافراد المعنيين بالاسهام في حمل مشروع العودة وهم الغالبية الساحقة ضمن شعبنا.
وفي فلسطين48 واذ تجري الاستعدادات لمؤتمر العودة الثالث والذي سيعقد في مدينة عكا اواخر حزيران، فان الهدف منه هذا العام هو بناء تحالف العودة في الداخل والذي سيشكل فضاء تتفاعل فيه كل المؤسسات السياسية والاهلية والمجتمعية والاوساط والافراد المعنية بالاسهام في مشروع العودة.
ومثل هذا الائتلاف سيكون جزء من الائتلاف الفلسطيني الواسع لحق العودة وبدعم كل مناصري قضية شعبنا. وهو الاطار الذي يتوخى منه اطلاق الحملات من اجل حق العودة لتكون الاكثر تجذيرا للحق فلسطينيا والاكثر فاعلية فلسطينيا ودوليا. وهي ايضا اساس لتشكيل حركة شعبية واسعة ومنظمة تسهم بشكل جوهري في حمل مشروع العودة، وتساند الحلم الفلسطيني كي يصبح واقعا.
Topic
Archive