Site-Logo
Site Navigation

فؤاد إبراهيم: النظام السعودي هو العقبة بوجه التغيير الديموقراطي في المنطقة

محاضرة الدكتور فؤاد ابراهيم في المركز الثقافي العربي النمساوي –عكاظ- بفيينا


18. April 2012

في إطار سلسلة محاضرات "الربيع العربي" استضاف المركز الثقافي العربي النمساوي "عكاظ" الكاتب المعارض الدكتور فؤاد ابراهيم من العربية السعودية، في فترة تتصاعد فيها الاحتجاجات في المملكة وبالذات في منطقتها الشرقية. وقد تطرق في محاضرته إلى التطورات السياسية في البلاد منذ حرب الكويت عام 1991 محللاً بالتفصيل المكونات السياسية والاجتماعية لمجتمع تمزقه الدولة الطائفية. وفيما يلي عرض لمحاضرة د. فؤاد ابراهيم:


7240

في إطار سلسلة محاضرات “الربيع العربي” استضاف المركز الثقافي العربي النمساوي “عكاظ” الكاتب المعارض الدكتور فؤاد ابراهيم من العربية السعودية، في فترة تتصاعد فيها الاحتجاجات في المملكة وبالذات في منطقتها الشرقية. وقد تطرق في محاضرته إلى التطورات السياسية في البلاد منذ حرب الكويت عام 1991 محللاً بالتفصيل المكونات السياسية والاجتماعية لمجتمع تمزقه الدولة الطائفية.

وفيما يلي عرض لمحاضرة د. فؤاد ابراهيم:

حرب الكويت

شكلت حرب الكويت عام 1991 انعطافة في مجتمع السعودية حيث اندلعت بعيد انتهائها حركات مطلبية متعددة، فمن ناحية أدت الصدمة الثقافية التي سببها التواجد العسكري الأجنبي (الأمريكي والحليف) للمرة الأولى على الأرض السعودية إلى ظهور حركة احتجاج دينية لدى المعسكر التقليدي الوهابي الموالي تاريخيا والذي أخذ يشكك في مراعاة الدولة للتعاليم الإسلامية، فيما دفع تراجع هيبة السلطة والأزمة الاقتصادية في التسعينات بمعارضات حقوقية وليبرالية تطالب بإصلاحات أساسية وحريات سياسية، وهكذا ظهرت سلسلة من الحملات قدمت مطالبها على هيئة عرائض مرفوعة إلى الملك فهد، ومع أن النظام اعتقل المبادرين وقتها وأرغمهم على توقيع تعهدات، فقد وعد في نفس الوقت بإصلاحات تدريجية لم ينفذها حتى اليوم.

السعودية والانتفاضات العربية

أنعشت الانتفاضة التونسية وما تبعها من سقوط بن علي في كانون الثاني عام 2011 آمال الجماهير في التغيير السياسي في السعودية كما في البلدان العربية الأخرى، أما النظام السعودي الذي دعم نظامي مبارك وبن علي علنياً وحتى النهاية، فقد صار عليه بعد سقوطهما مراجعة سياساته واستباق حراك ممكن في عقر داره، واليوم تقود السعودية الثورة المضادة في المنطقة، وبأنماط تختلف حسب الظرف:
أ‌) احتواء الحركات وتسييرها كما في تونس ومصر.
ب‌) التدخل العسكري كما في البحرين واليمن.
ت‌) الثورة المضادة

وبهذا المعنى تشكل السعودية أكبر عقبة أمام التغيير الديموقراطي في المنطقة، فالحركة الديموقراطية في البحرين قمعت باحتلال سعودي مباشر للبلاد، فيما تتدخل السعودية في سوريا من أجل إنهاء الحراك الديموقراطي السلمي، حيث يطمح الحكام السعوديون إلى عسكرة الصراع بما يكفل إشراع الأبواب لتدخل عسكري، في حين تزداد في وضع الاستقطاب هذا صعوبة الطريق الثالث (أي المؤيد للانتفاضة ضد النظام والمناهض للتدخل الأجنبي)، مما يجعل من قوى الثورة المضادة المستفيد الوحيد.

المجتمع المتفكك كعلامة على فشل الدولة

دأبت المعارضة السياسة في السعودية حتى الآن على التعبير عن نفسها إما مذهبياً (شيعة/ سنة) أو مناطقياً (شرق، غرب، جنوب)، ومردّ ذلك إلى تشظي المجتمع في الدولة السعودية التي تأسست بداية القرن العشرين على أساس التوسع والإلحاق القسري العنيف للمناطق من قبل التحالف السعودي- الوهابي، ففي حين ولد المذهب الوهابي في وسط الجزيرة (نجد) حيث يلقى الدعم الأكبر، فإن التشيع يسود في الشرق (الاحساء)، كما أن مدارس مذهبية سنية غير الوهابية تسود في الحجاز وفي الجنوب. كما توجد تجمعات شيعية أخرى في المدينة المنورة وفي جنوب البلاد حيث يتطابق المذهب وقبيلة يام.
إن غياب هوية “وطنية” تجمع المكونات المختلفة للسكان حتى الآن هو بحد ذاته دليل على فشل الدولة السعودية. وقد أدى فرض الدولة لعقيدتها ومذهبها على المجتمع بأكمله إلى تهميش قطاعات كبيرة من السكان، أضف إلى أنها بصفتها الأوتوقراطية تفتت المجتمع بدل أن توحده.
إن أكثر ما تخاف منه الدولة هو التقارب بين هذه الشرائح، فعلى سبيل المثال دعت الحكومة عام 1983 المعارضة الشيعية للحوار، وكان سبب هذه اللفتة الحوار الذي بدأ آنذاك بين المعارضتين الشيعية والسنية، فإمكانية تحالف كهذا تقض مضجع
الدولة. أما اليوم فتوجد بين الشباب توجهات مشابهة تتجاوز الأطر التقليدية وتتعاون على مستوى البلاد، ويوجد العديد من المواقع الإلكترونية المعارضة المنشأة من قبل مجاميع “خليطة” كهذه.
البطالة والعمالة الأجنبية

تبلغ نسبة البطالة في العربية السعودية بين الشباب 40%، وفي نفس الوقت يعمل في البلاد 8.5 مليون عامل أجنبي (حسب بيانات الحكومة)، أو12 مليون (حسب بيانات السفارات)، والحديث هنا عن مليوني شخص من الهند، ومليونين من باكستان، ومليون ونصف من بنغلاديش، ومليون ونصف من سرلانكا، ومليون من مصر ونصف مليون من سوريا ونصف مليون من اليمن، ولأن الدولة تدير اقتصاد النفط الضخم، فإنها وعن طريق تشغيل أعداد ضخمة من الأيدي العاملة الأجنبية، تظل مستقلة عن مختلف مجاميع السكان المحليين وتؤمن بذلك بالطاعة، فالأجانب يتجنبون الخوض في السياسة خوفاً من الإبعاد، ثم أن أياً من المجاميع المعارضة لم تحدد بعد في برامجها موقفاً من العاملين الأجانب.

خطر التقسيم غير وارد

نشوء حركات انفصالية مستبعد بالرغم من التوترات المحلية وحتى مع وجود ميول انفصالية عموماً، فإن هذه لا تمثل أغلبية في أي من المجاميع المعارضة، فالخلفية التاريخية الإسلامية المشتركة، إضافة إلى الروح العروبية التي أيقظها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تحمي من ميول كهذه.
إن الخطر يتأتى بالأحرى من انهيار الدولة برمتها في حال قيام ثورة شعبية، فالدولة التي تقوم على سلطة عائلة بل تحمل إسم هذه العائلة ستسقط مع سقوطها، كما أن إن غياب فعل معارض موحّد على مستوى البلاد يزيد من هذا الخطر.

إن من غير المحتمل حصول سيناريو الانتفاضة الشعبية، والواقعي هو إمكان انطلاق حراك ينبني حول مطالب إصلاحية تجمع عليها مختلف الأطراف، وقد يكون إجماع ذو التوجه الإصلاحي قمينا بتحقيق ما قد تحققه انتفاضة شعبية، فالإصلاحات التدريجية الموعود بها منذ عقود عليها أن تنتظر عقوداً أخرى حتى نهاية “الحرب على الإرهاب”، في حين يكاد استنكاف النظام عن الإصلاح وردود فعله القمعية أن تجعل من أي مطلب إصلاحي موقفاً ثورياً.

يمكن أن يكون المخرج الإيجابي في حركة على مستوى البلد، تنجح مع انبثاقها في عقد عقد اجتماعي جديد توزع بموجبه السلطة والموارد توزيعاً عادلاً، وهذا وحده هو الكفيل بنشوء شعور الانتماء للدولة لدى الناس.

أشكال جديدة من التعبير السياسي

طورت المناطق المختلفة في العربية السعودية أشكالاً مختلفة للاحتجاج، حيث أن منع التظاهر والتجمع والإضراب وتشكيل الأحزاب وكل أشكال التنظيم تلجئ السكان إلى المراوغة في أشكال أخرى للتعبير، حيث توفرالشبكة الإلكترونية اليوم إمكانية جديدة لإطلاق حملات احتجاج واسعة، ومثال على ذلك في الأشهر الأخيرة حملتان على الشبكة تمكنتا من تجاوز كل الأطر المحلية والمذهبية وإرغام النظام على التراجع.
تصدت الحملة الأولى لتسمية اثنين من أبواب البيت الحرام في مكة باسم شخصين من العائلة المالكة، وقد قام النظام فعلاً بسحب هذا القرار.

أما الحملة الثانية حملت اسم “بحبوحة”، وكانت ذات طابع ساخر انطلقت على إثر تصريح الأمير سلمان وزير الدفاع السعودي الذي ادعى في حديث مع صحيفة السياسة الكويتية أن الشعب يعيش في بحبوحة، وقد اعتبر هذ التصريح استفزازاً في البلد الغني بالنفط، والذي يعيش فيه مع ذلك ثلاثة ملايين إنسان تحت خط الفقر، وقد تهكمت آلاف التعليقات الساخرة على الأمير والأسرة السعودية الحاكمة بطريقة غير مألوفة مما اضطر الأمير سلمان إلى نفي إدلائه بحديث إلى هذه المجلة.
.
المنطقة الشرقية مرجل الثورة

استعرت الاحتجاجات في العربية السعودية في آذار عام 2011. وقد بدأت في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية، ثم تجاوزت الحاجز المذهبي وشملت مناطق متعددة من البلاد. في المنطقة الشرقية تتوفر خبرة تاريخية أغنى في مجال الاحتجاج السياسي وتنظيمه، وذلك بفضل صناعة النفط التي وفرت اتصالاً مبكراً مع الحداثة من جهة، والتي اقترنت بنشوء طبقة عاملة وعمالة منظمة منظمة من جهة أخرى، كما أن التمييزالطائفي ضد سكان المنطقة الشرقية والذين تشكل مكافحتهم كشيعة أحد أعمدة الحكم الوهابي، جعل من المنطقة ومنذ ضمها عام 1912 مرجلا للمقاومة، حيث يطالب سكان المنطقة الشرقية بإنهاء التمييز الديني، وإطلاق سراح السجناء السياسيين (13000 على مستوى البلاد) وإقالة الحاكم الفاسد الأمير محمد بن نايف. أما النظام فيعمل على إبراز المطالب الجهوية والمذهبية ويحاول التكتم على المطالب السياسية الوطنية.
تمثل الاجتجاجات المستمرة في المنطقة الشرقية منذ إذار عام 2011 أطول موجة احتجاجات تشهدها المملكة منذ إعلانها عام 1932، وتحظى تدريجياً بالتعاطف من المناطق الأخرى، فاليوم تشهد مدينة أبها جنوب البلاد، وأيضا العاصمة الرياض احتجاجات طلابية أدى قمع النظام من تحولها من المطلبي المحدود إلى السياسي العام، ويزعم البعض أن بعض المناطق الأخرى تتردد في الحراك بسبب ربط الدولة لأي تحرك بالشيعة كي تتمكن من تبرير قمعه بالعنف.

مازال مآل هذه الحركات المتنوعة في العربية السعودية مفتوحاً، لكن البلاد بأجمعها تتحرك في هذه اللحظة نحو تغيرجذري في تفكير الناس وتعاطيهم للسياسة.

: فؤاد إبراهيم: النظام السعودي هو العقبة بوجه التغيير الديموقراطي في المنطقة »
Topic
Archive