Site-Logo
Site Navigation

الثورة وسلطة الديموقراطية الشعبية

4. December 2012
جمال عبد الفتاح - القاهرة

ما هي طبيعة السلطة الثورية حال إسقاط النظام وانتصار الثورة ؟ وما هي طبيعة الثورة الراهنة ؟ سؤال كبير مسكوت عنه ، بقصد او بغير قصد . بسبب عدم الفهم او الانخراط في النضال العملي والمعارك اليومية التي لم تنقطع من قبل القوى الثورية . او بقصد الايهام والتضليل العمد لوقف الثورة عند هذا الحد من قبل اعدائها ، وادخالها في نفق النظام القديم من تعديلاتd دستوريه وانتخابات برلمانيه ورئاسيه ودستور لاعادة انتاج النظام السابق ، وعفا الله عما سبق من جرائم لا حصر لها ارتكبها النظام والعسكر في حق الشعب والثورة .. فطريق الدم والشهداء مازال مفتوحاً على مصراعيه طالما لن تصل الثورة إلى نهايتها , وهناك ميادين واضرابات واعتصامات دفاعاً عن الثورة واهدافها في الطريق ايضاً.


7433

خلال الثمانيه عشر يوما الاولى من الثوره طرح آلاف الثوار في ميدان التحرير والميادين المختلفة قضية السلطة بعد رحيل ” مبارك ” وكان الاتجاه الغالب مع مجلس رئاسي مدني من شخصيات عامة أو قضاة . وفي حقيقة الامر ان كل الاسماء المطروحة حينها وحتى في نوفمبر الماضي عندما عاد هذا الشعار يطل برأسه من جديد تقف على أرض النظام وسياسته الاقتصادية والاجتماعية ، وكل معارضتهم لمبارك تنصب على شكل الحكم الفردي مطلق السلطات وقانون الطوارئ وغياب الحريات . ان هذا الطرح الضيق لقضية الثورة والسلطة وحصرها في ” رحيل الرئيس الطاغية ” تعكس عددا من القضايا المهمة والتي تحتاج إلى مناقشة ونقد .1- الفهم الخاطئ لشعار ” الشعب يريد اسقاط النظام “لدى قطاعات واسعه من القوى الثورية اذ طابقت بين إسقاط النظام والاطاحة بالديكتاتور في ظل موازين قوى مكنت العسكر من انقلاب قصر ازاحوا به ” الملك ” والوريث ، وحمت النظام من السقوط .
وما ان انصرفت الملايين الثائرة من الميادين والشوارع بعد الاحتفال بالإطاحة برأس النظام حتى تنفست القوى المعادية للثورة الصعداء وتجمعت حول المجلس العسكري – الحاكم الجديد– لترجمة خارطة الطريق التي اعتمدها مبارك في خطاب 1 فبراير إلى خطوات عملية التعديلات الدستورية ، والانتخابات البرلمانية والرئاسية ودستور جديد لقطع الطريق على استمرار الثورة بأسبابها ومضمونها الاجتماعي وحشرها في زاوية تعديل شكل الحكم الاستبدادي الفردي ليس اكثر . بعيداً عن الانقلاب الثوري الذي يطيح بطبقة رجال الاعمال المتضخمة ثرواتها
بالسرقة والنهب على حساب إفقار الشعب , ويطيح بأجهزة الدولة وقياداتها الفاسدة وكل السياسات الرجعية التي كانت سبباً رئيسياً في الثورة واستمرارها
ان القراءة الفاحصة للتركيبة الاجتماعية للموجة الاولى للثورة والقوى المنظمة فيها تظهر الاسباب العميقة لها، الغنى الفاحش للأقلية المسيطرة والافقار والبطالة للاغلبية الساحقة ، والتبعية لامريكا واسرائيل ، والاستبداد والقمع الذي يعم الوطن .
كما نظهر ارتباك الرؤية والاهداف ، وانخداع الملايين في شعار ” الجيش والشعب ايد واحدة ” مما مكن العسكر من الاستيلاء على الحكم وقيادة الثورة المضادة حتى الآن برغم زلزال الثورة العنيف وتوابعه الذي اصاب النظام السياسي والدولة بتشققات واسعه يصعب التئامها مع مرور الوقت ويفتح الطريق امام انتصار الثورة .

الثورة بادر بها قطاعات واسعه من شباب الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى والطلاب والحرفيين والعاطلين عن العمل والمهمشين ، وقطاعات من العمال وصغار الموظفين تزايدت مشاركتهم حتى ضمت اغلب الطبقة العاملة في اضرابات عمت كافة المرافق والصناعات الرئيسية فى الايام الثلاثة الاخيرة لتكون العامل الحاسم في الاطاحة بمبارك يوم 11 فبراير .
وقد انضم إلى اعتصامات الميادين الاخوان المسلمين ومجموعات من رجال الاعمال ورجال الدولة والقضاة بعد الهزيمة المدوية لجهاز الشرطة في معارك 28 يناير على أيدي ثوار الاحياء الشعبية ، وكان انضمامهم للثورة في الغالب لتصفية حسابات قديمة مع نظام ينتمون إليه اجتماعياً ، اذ كان يستبعدهم عن المراكز المهمة في مؤسسات الدولة ويضيق عليهم الحركة في العمل السياسي . وجاء انضمامهم للثورة بآثار سلبية تعاني منها حتى الآن .. فهم أول من غادر سفينة الثورة والالتحاق بالمجلس العسكري لاتفاق مصالحهم في مواجهة قوى الثورة الحقيقية على طول الخط مع وجود تناقضات فعلية نتيجة لسعي كل منهما للاستحواذ على الجزء الاكبر من السلطة وكيفية معالجة مشاكل المرحلة الانتقالية المزعومة 3
مع الممارسات القمعية للمجلس العسكري في اعتصامي 25 فبراير ، 8 مارس 2011 انفضحت سريعاً حقيقته وعدائه للثورة فسقط شعار ” الجيش والشعب ايد واحدة ” كما انفضحت حقيقة الاخوان والليبراليين بتحالفهم مع العسكر لتصفية الثورة وذهابهم للتعديلات الدستورية سعياً وراء السلطة هدفهم الرئيس .
وقد اكسبت هذه المعارك قوى الثورة وقطاعاً من الشعب وعياً جديداً حول استمرار النظام القديم بمؤسساته وسياسته القديمة ، وعياً ثورياً عن حقيقة اعدائها الاجرامية والطبيعة الطبقية لهم وعلاقتهم بأمريكا وإسرائيل والرجعية النفطية ..
ثم جاء الصراع بين اطراف القوى المعادية للثورة حول الدستور أولا أم الانتخابات البرلمانية أولا ليكشف حقيقة الجميع . عسكر واخوان وليبراليين في سعيهم لخلق شرعية جديدة للنظام القديم يحمي بالأساس مصالح الاغنياء ويستبعد كل الاهداف الاجتماعية للطبقات الكادحة من استعادة كل الثروات المنهوبة في الداخل والخارج . والحد الادنى والاقصى للأجور ، وحل مشكلة البطالة وفرص ضرائب تصاعدية على الاغنياء .. إلخ
ان التجربة الخاصة لقوى الثورة وقطاعات واسعه من الشعب في تلك اللحظة الثورية اكسبتها وعياً جديداً في ظل تزايد الاستقطاب الاجتماعي ساعد على انبعاث الموجة الثانية للثورة تحت شعار الثورة أولاً ، والفقراء أولاً . فتراجع الحوار المفتعل حول الدستور أولا او الانتخابات اولا ليعلن اعتصام 8-7 بدء مرحلة جديدة من الثورة افترق فيها الطريقان بشكل حاسم . طريق الثورة الاجتماعية تحت راية العدالة الاجتماعية . وطريق اعداء الثورة من عسكر ورجال الاعمال واخوان مسلمين يحاصرون الثورة بألاعيبهم السياسية والدم في كثير من الاحيان ليغرسوا علم انتصارهم على جثة الثورة .
ان قراءة التركيب الطبقي لاعتصام 8-7 ومعارك محمد محمود ومجلس الوزراء والالتراس ببورسعيد وقائمة الشهداء والمصابين ومستوى الانفاق بين المعتصمين تقول بأن اغنياء الموجة الاولى والاخوان المسلمين والسلفيين يمتنعون . وان مقدمة الصفوف للقوى الثورية والتضحيات الكثيرة كانت للعاطلين عن العمل والحرفيين والطلاب وفقراء المدن عموماً وشباب الشرائح الدنيا من الطبقى الوسطى وقطاعات محدودة من العمال والمثقفين الثوريين .
وقد ميز الموجة الثانية للثورة والمستمرة حتى الآن أمرين :
الاول : تجذر الثورة اجتماعياً وانخراط قطاعات وفئات من الطبقات الشعبية اكثر من السابق ، وانصراف كثير من مثقفي الطبقة الوسطى والسياسيين الليبراليين ، وانضمامهم في العملية السياسية التي يقودها العسكر لاجراء تعديلات على شكل الحكم ليس اكثر بإنشاء احزاب وحركات سياسية اصلاحية وانتخابات برلمانية في اطار النظام الرأسمالي القائم .
الامر الثاني : تصاعد واتساع الوعي الثوري بمضمونه الاجتماعي المعادي للرأسمالية لدى قوى الموجة الثانية من خلال التجربة الخاصة للبشر وامتلاك وعي جديد في زمن ثوري تتضاعف فيه الخبرة والوعي عشرات المرات عن الزمن العادي . وبتأثير محدود مازال في اوله من قبل القوى الاشتراكية الثورية . ولكن مازال ينقص هذا الوعي حتى الآن رؤية استراتيجية ثورية واضحة . وهي قيد التشكل ببطئ عبر العملية الثورية لضعف التنظيم والامكانيات . ومازل هناك تشوش واضح في التكنيكات والاهداف تنعكس على الخطوات العملية في كل لحظة والتحالفات بين الحركات الثورية التي سرعان ما تقام ثم تنفض ويستفيد منها اعداء الثورة اكثر من غيرهم .
ويبقى غياب الرؤية الاستراتيجية اى فهم طبيعة السلطة الثورية بعد اسقاط النظام ، وغياب تنظيم القوى الثورية بشكل واسع هو المعضله الرئيسية امام تطوير هذه الحالة الثورية وانتصار الثورة فى النهاية.
يحدد طبيعة السلطة الثورية لثورتنا الراهنة حال انتصارها طبيعة النظام الاقتصادي – الاجتماعي الرأسمالي القائم والطبقات السائدة فيه المستحوزة على الثروة ، والسلطة الحاكمة الآن ، كتعبير عن مصالح وهيمنة البيروقراطية العسكرية وحلفائها من الاخوان والليبراليين ومجمل الطبقة الرأسمالية بأجنحتها المختلفة . ومن جهة أخرى تتحدد طبيعة السلطة الثورية بالطبقات والقوى الثورية صاحبة المصلحة في الانقلاب الثوري على النظام القائم واهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الثوري الجديد حال اسقاط النظام .
لذلك فإن ثورتنا الراهنة ليست ثورة كل الشعب كما يزعم المضللون من الليبراليين ومثقفوا الطبقة الوسطى والاخوان المسلمون ومن لف لفهم الذين يحاولون توظيف الثورة لتحسين شروط صراعهم مع العسكر على السلطة الجديدة . انها ثورة الطبقات الشعبية والعاطلين عن العمل والمهمشين في مواجهة سلطة رأس المال والمتحالفين معها .
وحقيقة هذا العصر الرأسمالي التي لا تخطئها العين أنه ليس هناك من شعب واحد داخل أي بلد كما في بلادنا . دائماً هناك شعبين رغم الوطن الواحد واللفة الواحدة . شعب الطبقة الرأسمالية الغنية المسيطرة على الثروة والسلطة والدولة . وشعب الطبقات الكادحة من العمال والفلاحين وصغار الموظفين والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى والحرفيين والعاطلين عن العمل والمهمشين . كل منهما له طريقة حياته المادية والثقافية وسلوكه وقيمه . وشعب الطبقة الرأسمالية بفرض سيطرته على المجتمع من خلال القانون والبرلمان واجهزة القمع واللعبة الديموقراطية واجهزة الاعلام بعد ان تحول العمل والابداع والعلم الى سلعة والانسان إلى مجرد مستهلك حتى لا تتوقف عجلة الارباح عن الدوران . لذا نرى توحد الطبقات الرأسمالية عبر العالم برغم الحدود والاوطان ورغم تناقض المصالح بين الغنى والاغنى منه . فالصراعات بينهم ليست تناحريه كما كانت فى السابق ايام الحربين العالميتين الاولى والثانيه..
فالآن تواجه الرأسماليه أزمه هيكليه ممتده منذ سنوات طويله تحولت فى عام 2008 الى كارثه محدقه بكل شعوب العالم وبآله الرأسماليه نفسها . وجاء الخروج الواسع والمستمر للملايين فى اليونان واسبانيا والبرتغال وبلدان أوربيه اخرى وامريكا مؤشرات قويه على استنفاذ النظام الرأسمالى العالمى لدوره التاريخى فى تطور البشريه وان استمراره يعود بالدرجه الاولى لغياب التنظيم الثورى الاشتراكى للطبقات العامله والكادحين وغياب وعيه ورؤيته الاستراتيجيه الثوريه لقيادة الشعوب على طريق الثوره الاشتراكيه.
ومع اندلاع الثورة المصريه – والثورات العربيه – واطاحتها برأس النظام ، واستمرار معاركها الداميه ، وانخراط الطبقه العامله وقطاعات واسعه من السكان فى احتجاجات اجتماعيه واسعه على مدى أكثر من عام ، تجذرت حركتها ووعيها الثورى أكثر فأكثر فى صراعها المستمر ضد الرأسماليين المحليين والعالميين. فانفتح بذلك عصر جديد للثورات الشعبيه والعماليه ضد النظام الرأسمالى العالمى وهو ما طرح قضيه السلطه على محك النقاش العملى وبشكل ملموس على الواقع الملموس فى بلادنا..
تؤكد الدراسات الاقتصاديه والواقع المعاش على مدى العقود الاربعه الماضيه على تركز الثروه بالمليارات بيد القله من رجال الاعمال ورجال الدوله والأفقار الكامل للغالبيه الساحقه من الشعب. وأن الازمه الاقتصاديه الممتده ادت لبطاله أكثر من عشره ملاين انسان، وتراجع القيمه الحقيقيه للاجور ، والارتفاع الجنونى المستمر للاسعار، وتدهور أوضاع الفلاحين الى حد مزرى، وانهيار الطبقه الوسطى واتساع اعداد المهمشين فقراء المدن. وجاءت ثورة 25 يناير لتبرهن على حقيقه افلاس المشروع الرأسمالى وتراجع الاقتصاد الحقيقي – الصناعه والزراعه – لصالح اقتصاد الريع القائم على استخراج الثروات الطبيعيه ودخل قناه السويس والسياحه والخدمات، و الاقتصاد الهامشى. وتصاعد الطابع الطفيلى الغير منتج والتابع للرأسماليه العالميه وتدهور الاستقلال الوطنى أكثر منذ اتفاقيه كامب ديفيد عام 79..وقد عكست هذه الاوضاع الاقتصاديه المختلفه نفسها على تطور قوى الانتاج وفى مقدمتها الطبقه العامله وغياب تنظيماتها النقابيه والسياسيه تحت تأثير القمع المباشر والمستمر لآله الدوله البوليسيه على مدى سته عقود فانحصر نضالها فى الأغلب فى النضال الاقتصادى وتحسين شروط العمل هذا باستثناء بعض العناصر والمجموعات المحدودة التى شاركت فى النضال الديموقراطى خلال السنوات العشر الماضيه.
لذلك وبرغم نضج الأزمه الثوريه فى مجتمعنا وانفجارها فى 25 يناير فالطبقه العامله المصريه لم تتقدم المشهد الثورى وتقدمته الشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى والعاطلين عن العمل وشرائح من البرجوازية الصغيره.
وما ان حسمت القوى الثوريه معارك يوم 28 يناير العظيمه و2 فبراير حتى تقدمت واتسعت اضرابات الطبقه العامله فى الصناعات والقطاعات الاستراتيجيه وحسمت المعركه برمتها يوم 11 فبراير . ثم تركت مسرح الاحداث مشغولا بالحكم الجديد والفتره الانتقاليه ، دون ان يجول بخاطرها قضيه السلطه العماليه أو الاشتراكيه لمجتمع للعداله الاجتماعيه حيث أن مستوى وعيها وحركتها النضاليه وغياب تنظيمها الثورى لا يرقى لمستوى هذه المهام ومن ثم قيادتها لهذه الثورة..
اذا الثوره الاجتماعيه والسياسيه الراهنه ليست ثورة اشتراكيه وانما هى حلقه على طريق الثوره الاشتراكيه، وانها تستمد طبيعتها من المكونات الطبقية التى شاركت فيها ومصالحها المعاديه للنظام الرأسمالى القائم ودولته القمعيه والمعاديه لأبسط الحقوق والحريات الديموقراطيه والعدالة الاجتماعيه.
ان انتصار هذه الثوره يقوم على التطويح النهائى بحكم العسكر وكل النظام القائم بأجهزته وسياسته ورجاله، واستعاده سلطه الثوره لكل المؤسسات والشركات الاقتصاديه التابعه للمؤسسه العسكريه والثروات الخاصه للقيادات العسكريه سواء داخل المؤسسه أو خارجها وهذا يمثل ضربه لأهم أجنحه الطبقه الرأسماليه المصريه. ومصادره ثروات كل رجال الاعمال الذين اثروا على حساب الشعب امثال احمد عز وبهجت، وابو العنين وحسين سالم وهشام طلعت وامثالهم بالآلاف. واستعادة كل شركات قطاع الاعمال المخصخصه وأراضى الدوله المنهوبه على أن تؤول ملكيه كل الثروات المصادره لملكيه الشعب وليس الدوله واداراتها من قبل المنتجين.
وفى هذه الحاله سينشأ بالضروره نمطان من الانتاج. الأكبر يقوم على الملكيه الاجتماعيه، والاصغر رأسمالى ويجمع بينهما هدف اقتصادى اجتماعى واضح ـــ ضرب دولة الاستغلال ـ من خلال تخطيط عقلانى يلبى الاحتياجات الانسانيه لكل المواطنين فى العمل والتعليم والصحه والغذاء والسكن والثقافه. وتحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادى الوطنى عن الاستعمار الامريكي “واسرائيل” والغاء اتفاقيه كامب ديفيد وكل الديون الخارجه سواء للحكومات العربيه أو الاجنبيه والبنك الدولى أو الصندوق. ودعم الثورات العربيه ونضالات شعوب العالم من أجل التحرر الانسانى والاشتراكيه.
ان الطبقات الشعبيه المنتصره فى حال ثورتنا ستبنى السلطه الثوريه والدوله الديموقراطيه الشعبيه الجديده. وستكون السلطه تعبيرا عنها وعن مصالحها وتحقيق اهداف الثوره. ويكون شكل الحكم الديموقراطى الشعبى الذى تدير به الدوله والمجتمع تعبير عن سلطه الطبقات الشعبيه من العمال والفلاحين والشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى وصغار الموظفين والعاطلين عن العمل والمهمشين. فليس هناك ديموقراطيه لكل الطبقات كما يزعمون فى الأنظمه الرأسماليه الراهنه. فالدوله الديموقراطيه فى امريكا والبلدان الاوربيه القائمه على التمثيل البرلمانى والانتخابات وما يطلقون عليه الفصل بين السلطات الثلاث. التنفيذيه والتشريعيه والقضائيه ما هو الاوهم.. وحقيقه الأمر أن ادارة الحكم كما فى امريكا ” مهد الديموقراطيه ” بيد ثلاثة قوى – الشركات الاحتكاريهالعملاقه، واداره الدوله، والقوى الصلبه – الجيش والشرطه – التى تدير وتصنع كل شئ حتى الانتخابات الرئاسيه والبرلمانيه وتتخذ كل القرارات. أما البرلمان فليس اكثر من نادى للثرثره بصدر التشريعات التى تعبر عن مصالح الطبقه الرأسماليه. والوضع فى البلدان الأوربيه لا يختلف عن ذلك الا فى التفاصيل . فالسلطه اذا تعبير عن القوى الثلاث من خلال ما يطلقون عليه – الاداره فى امريكيا ، أو الوزاره فيما يسمونه البلدان البرلمانيه كما فى بريطانيا مثلا ، أو الرئيس ومؤسسه الرئاسه بالاشتراك مع الوزاره كما فى فرنسا . ويختلف الامر فى الحكم الديكتاتورى الفردى كما هو الحال فى بلادنا منذ عام 52 اذ تتركز السلطه فى شخص الرئيس تعاونه مؤسسه الرئاسه ، اما الوزاره والبرلمان والقضاء فكلها ادوات تنفيذيه لما يراه الحاكم الفرد – مبارك ومن قبله – فى كافه المجالات سواء فى السياسه الداخليه او الخارجيه . ويروج مفكروا الرأسماليه أن االديموقراطيه حل لكل الشرور والكوارث الطبيعيه والبشريه حتى ينسى البشر أن اصل كل الامراض الاجتماعيه والحروب والدمار هو الملكيه الخاصه والاستغلال والتفاوت المرعب فى الثوره بين الاغنياء – القله – وفقراء العالم اغلبيه البشر.
ان جوهر أى ديموقراطيه حقيقيه تقوم على المساواه وجوهر المساواه اقتصادى اجتماعى قبل أن يكون سياسي أو قانونى أو ثقافى . وهذا ضد وجود الرأسماليه .
ولذلك ليس هناك من ديموقراطيه فى ظل النظام الرأسمالى تعبر عن جميع طبقات المجتمع أو عن مصالح الجميع والمساواه بين الجميع . فهذا تضليل متعمد ووهم تطنطن بة اجهزة الاعلام الرأسماليه الضخمه ومراكز الابحاث والجامعات فى كل دول العالم لفرض هيمنه الطبقه الرأسماليه وديكتاتوريتها فى الحكم على المجتمعات بكافه طبقاتها وافرادها وارضها وثرواتها.
فمن الطبيعى ان تكون السلطه الجديده فى ثورتنا الراهنه هى تعبير عن الطبقات والفئات الثوريه التى قامت بالثوره، وتحقيقا لمصالح هذه الطبقات وأهدافها الاجتماعيه والسياسيه. وان تكون ديموقراطيتها الثوريه تعبير عن الطبقات الشعبيه التى استولت على السلطه والدوله وهى الطبقه العامله والفلاحين والشرائح الدنيا من الطبقه الوسطى والعاطلين عن العمل وصغار الموظفين والتجار والحرفيين والذين يعملون فى الاقتصاد الهامشى كالباعه الجائلين وعمال النظافه و خدمه المنازل وحرس المبانى.
فالثوره المصريه تطرح ديموقراطيه ثوريه جديده تقوم على حكم الطبقات الشعبيه التى ينتمى اليها الغالبيه الساحقه من السكان، آى ديموقراطيه الأكثريه وليست ديموقراطيه الأقليه الغنيه فى المجتمع الرأسمالى التى يطلقون عليها الدوله الديموقراطيه المدنيه والتى استنفذت عمرها الافتراضى دون ان تحقق مساواه او اخاء أو حريه حقيقيه فى اى مجتمع من المجتمعات الرأسماليه فى العالم كله.
ان سلطه الديموقراطيه الشعبيه التى تطرحها الثورة المصريه شعارا لها تفتح الباب واسعا فى عصر ثورات الشعوب الراهن على طريق المساواه والحريه والعداله الاجتماعيه لتقيم مجتمعا جديدا يتحرر فيه البشر من الاستغلال والقهر والقمع والعنصريه والحروب.

الثوره الآن بين سلطة الإخوان والدولة والإصلاحيين

فاجأ ” الريس مرسي ” القوى الليبرالية والاصلاحيين والانتهازيين اليساريين وكل من صوت له في إنتخابات الرئاسة مفاجأة كبرى ، بإعلانه الدستوري ، إعلان الديكتاتورية السافرة .
إعلانه الحرب على الثورة ، وعلى اجهزة الدولة المتمردة عليه وهو ما يفضح نظرية اولئك الانتهازيين بأن جماعة الاخوان قوة اصلاحية وديموقراطية يُعتمد عليها في النضال الديموقراطي ضد استبداد مبارك وضد الاستعمار الامريكي وإسرائيل .
وحقيقة الامر ان مرسي لم ينقلب على الثورة كما يروج كل الانتهازيين حتى لا يفقدوا ما تبقى لهم من قدرة على خداع الجماهير ، مرسي منذ البداية وجماعته قوى معادية للثورة ، وكل مواقفهم المعلومة للجميع أثناء الـ 18 يوم الاولى من الثورة ، وهرولتهم ولقائهم المتلهف بعمر سليمان أنبأ عن مواقفهم التالية ، وتحالفهم الدائم مع العسكر في مواجهة قوى الثورة ومحاولات تصفيتها المتتالية بالعنف والقتل والتعذيب والاعتقال . وادانتهم الدائمة للقوى الثورية في اعتصاماتها المتتابعة بأنها عناصر من البلطجية ويستحقون القمع والقتل والترويع .
جماعة الاخوان ومرسي منذ البداية تقوم استراتيجيتهم على انهم جزء من النظام القديم ، ومنحازون اجتماعياً لرأسمالية المحاسيب التابعة ، وهدفهم الاسمى الوصول للسلطة السياسية المستبعدون منها في عصر مبارك ، لذلك مع الثورة ذهبوا إلى هدفهم رأساً بالاصطفاف إلى جانب العسكر بعد خلع الطاغية .
وخاضوا كل معارك المجلس العسكري ضد الثورة لهزيمتها والاستمرار بالنظام القديم وسياساته بحماس منقطع النظير .
فالانتهازيون الواهمون بأن الاخوان جزء من الثورة هم مرعوبين من الثورة واستمرارها اكثر من اي شئ آخر ، فكابوس الثورة الاجتماعية ، ثورة الفقراء ، ثورة الجياع كما يسمونها تقض مضاجعهم كل ليلة . فما زالت أرجلهم مغروسة في وحل النظام الرأسمالي الوحشي لأن مصالحهم مازالت معه ، والمنقذ لهم من ذلك الكابوس المرعب ليس مهما أن يكون حكم الاخوان ، او في احسن الاحوال حكم الليبراليين والاصلاحيين شريطة أن يكون عن طريق الانتخابات النزيهة كما يقول البرادعي وحمدين ومن لف لفهم ، أما الميادين وشباب الثورة وتضحياتهم النبيلة فلا غرو أن تكون من اجل تحسين شروط مساوماتهم مع الاخوان ومرسي لعله ينعكس على شكل الحكم وبعض الحريات ومساحة مشاركتهم في السلطة ..
اولئك الانتهازيون مازالوا حتى الآن يستعطفون الاخوان ومرسي للرجوع عن الاعلان الدستوري كأحد الاخطاء التي يبررونها لهم بأن الجميع مخطئ العسكر مخطئون ، القوى السياسية مخطئة ، شباب الثورة مخطئ ، والشعب مخطئ ، فلا تثريب عليكم ، وعودوا إلى صف الثورة !!
اولئك الواهمون من القوى الليبرالية والاصلاحية وادعياء الاشتراكية في الواقع يقدمون خدمة جليلة لتفاقم النزعات الفاشية لدى الاخوان وتضليل قطاعات من شباب الثورة المنساق وراء بعض الرموز الخادعة لغياب التنظيم الثوري .
انهم يلطمون الخدود لأن ” مرسي ” الرئيس الثوري جداَ جداَ !! خانهم هذه اللحظة وفاجأهم بدكتاتوريته الفجة بالاعلان الدستوري الاخير ، فهم أسرى نظريتهم أن الاخوان قوة اصلاحية ديموقراطية ، فيخلقون الاعذار والمبررات لمرسي ويتناسون عن عمد ايديولوجية الاخوان التي يقوم بناءها على السمع والطاعة لولي الامر ، وعدم الخروج على الحاكم حتى وإن ظلم درءاً للفتنة التي قد تصيب الرعية !! تلك وغيرها أفكار فاشية تقوم على العتصرية ، فبدلاً من نظرية تفوق الجنس الآري لدى هتلر ، هم خير أمة اخرجت للناس ، ومن حقها الديني أن تسود العالم ، كما كانت تسعى الدعاية النازية لضرب المساواة بين البشر وسيادة العالم بالحرب الوحشية وقتل الملايين من الشعوب المختلفة ، نفس ما كانت تقول به الدعاية النازية بلباس ديني .. وأيضاً القوانين القائمة على التمييز الديني التي تنتمي لاربعة عشر قرناً مضت تحت اسم الشريعة ستطبق رغم أنف الجميع بحماية دستورهم الاستبدادي الرجعي المعادي للقورة والانسانية والتحرر والعدالة الاجتماعية ، فالتمييز الديني والجنسي والطبقى – في شريعتهم – بين البشر رجالاً ونساءاً من السنن الطبيعية التي خلقها الله لتحويل الشعب إلى عبيد ، والحاكمية لمرسي خليفة الله على الارض !!
ولكى تتحقق هيمنتهم الكاملة على الدولة والمجتمع ، لا مفر امام سلطة الاخوان الغاشمة إلا الاجهاز على الثورة والقوى الثورية ، وارهاب الشعب وقمعه بإستمرار لإعادته إلى حظيرة الخوف التي بنتها عبر عقود الانظمة الديكتاتورية السابقة وحطمتها الثورة .
لذلك يخرج علينا كبيرهم امام اعضاء حزبه ومناصريه من السلفيين وقوى الارهاب الديني ليعلن الحرب المقدسة على من يقف في طريقه سواء في ميدان التحرير وميادين التحرير بالمدن المختلفة ، أو داخل أجهزة الدولة كالقضاء والشرطة وغيرها .. فهو لم يحترم قسمه عند توليه السلطة الذي يتضمن احترام إعلان العسكر الدستوري في 30 مارس والذي ينص على أن ” التقاضي حق مضمون ، ويحظر تحصين أي عمل او قرار إداري من رقابة القضاء ” وقد اعطى لقراراته بالاعلان الاخير الحصانة التامة ضد اي جهة او اي احد من اجهزة الدولة وفي مقدمتها القضاء تحاول الاعتراض او التعديل طبقاً للقواعد القانونية للنظام الذي هو على رأسه . وبهذا النص الفاشي حنث بقسمه لأجهزة الدولة والطبقة الرأسمالية التي يحكم بأسمها والمجتمع ، فتتهمه جميع قوى المعارضة بالخيانة العظمى .. إن هذه الافعال وردود الافعال من اجهزة الدولة على الارض تعكس صراعات في قمة الحكم وتفكك الدولة ، ومحاولة مستميته من مرسي وجماعته لإحكام قبضتهم على السلطة السياسية والدولة والمجتمع في ظل استفحال الازمة الاجتماعية والثورية ، وقد جاءت الموجة الراهنة من الثورة مع ذكرى محمد محمود لتوقع بالصراع بين قوى الثورة واعدائها في السلطة السياسية وحزبها وأجهزة الدولة إلى مدى غير مسبوق في انكشاف حقيقة من يحكمون بإسم الدين ، والحقيقة الرجعية في توظيف الدين للسيطرة على اوسع الجماهير ، وتزيح إلى الوراء مساحة اكبر من التعمية المتعمدة على الصراع الاجتماعي بين الطبقات الفقيرة والسادة الاغنياء ، ان الصراع الضاري بين قوى الثورة وسلطة الاخوان وحزبها في الميادين والشوارع تنبئ عن الموجة الحالية ، واستعدادهما لجر الجميع لبحور من الدم .
ومن الواضح تسليح مليشيات وشباب الاخوان عند مقاراتهم في مواجهة المتظاهرين استعداداً لهذه الجولة والجولات القادمة من الصراع ،.خاصة وإن مرسي لم يحكم قبضته بعد على أجهزة الدولة المختلفة وفي مقدمتها الشرطة والجيش ، لذلك فجماعته تصر على تشكيل مليشياتها الخاصة خارج أجهزة الدولة كما فعل هتلر عام 1933 عندما اتخذ نفس قرارات مرسي الدكتاتورية لانفراده بالسلطة ، وواجه المجتمع الالماني والقوى الثورية بقوات العاصفة – ميليشياته الخاصة لفرض هيمنته على الدولة والمجتمع .
فلا ينبغي على القوى الثورية أن تخشى من احتمالات الحرب الاهلية التي تدفع إليها فاشية الاخوان ، فهو الطريق الذى يروه لتثبيت سلطتهم بعد أن فشلت تجارتهم بالدين ، وانفضاح امرهم في السيطرة على قطاعات واسعة من الشعب المصري وعزله عن القوى الثورية واهداف الثورة كما كانوا يخططون ، وعلى القوى الثورية أن تستعد للدفاع الذاتي عن نفسها بكافة الاشكال والاساليب وبناء اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة في الاحياء والمصانع والجامعات ومواقع العمل والانتاج المختلفة في المدن والقرى .
ان مرسي بقراراته الفاشية وسع من اعدائة بين قوى المعارضة من داخل النظام القائم ، والكثيرون منهم قد أيدوه في انتخابه رئيساً للجمهورية ، وهم برغم اختلافهم معه حول الجمعية التأسيسية والدستور إلا انهم ينتمون اجتماعياً لنفس مشروعه الرأسمالي الطفيلي التابع القائم على افقار اوسع الجماهير ، واختلافهم الاساسي حول الاصلاحات الديموقراطية وشكل الحكم دون المساس بوضع الملكية الخاصة والثروة او اجراء تغييرات جذرية عليها بالمصادرة لصالح الطبقات الشعبية والعاطلين عن العمل والمهمشين واقامة العدالة الاجتماعية .
انه دفع تلك القوى الليبرالية والانتهازية البسارية لتقترب من القوى الثورية في محمد محمود والميادين المختلفة وإن بشكل مؤقت ، تستعين بها في صراعها مع قوى الاخوان والسلفيين سعياً ليحلوا محلهم في السيطرة على الازمة الثورية ، وجر الثورة بعيداً عن التجذر الشعبي والاجتماعي بإتجاه الطبقات الفقيرة الذي يهدد النظام الرأسمالي القائم ، والدفع بحلول اصلاحية تدخل الثورة في مرحلة تبريد طويلة تنتهي بالقضاء على الحالة الثورية المستعصية ..
ان مثل هذا الوضع يصيب عدد من القوى الثورية بحالة من الارتباك في فهم موقف القضاء واضرابهم عن العمل في مواجهة ” اعلان مرسي ” ، وهل هم قوى ثورية او انضموا للثورة الآن ؟ الحقيقة عكس ذلك تماماً ، إن القضاء جزء من جهاز الدولة الاستبدادية ، ومصالح القضاة مع استمرار النظام القديم وينتشر بينهم الفساد ككل اجهزة الدولة ، وما يقومون به الآن ليس انضماماً للثورة ، وانما دفاعاً عن امتيازاتهم ونفوذهم في جهاز الدولة ، خاصة وان جهاز القضاء ككل أجهزة الدولة في حالة الثورة وتحت تأثيرها انقسم إلى قضاء اخوان ارتبط بالسلطة الجديدة ، وقضاء ” مبارك ” ، ونفس الامر يمر به جهازي الشرطة والجيش وغيرها من الاجهزة ، والوعي الثوري يفهم اجهزة الدولة في لحظات الثورات عليها ان تدفع بإتجاه تصاعد هذه الصراعات داخل الحكم واجهزة الدولة القديمة المتصدعة دون أن تربط القوى الثورية نفسها بأي من المتصارعين داخل القضاء او غيرهم من اجهزة الدولة وينبغي أن يكون سهم نضالنا موجه ضد سلطة الاخوان في هذه اللحظة والاصرار على النضال من اجل اسقاطها وكل النظام ، وكل من يضرب في هذا الاتجاه من داخل أجهزة الدولة او حتى من الرأسماليين والفلول نحرضه على ذلك ولا نتحالف معه بأي حال من الاحوال ، أو نؤيده سياسياً كما فعلت القوى الليبرالية والانتهازيين اليساريين مع القضاة المتمردين على سلطة الاخوان الآن ، نعتمد تكتيك السير منفردين والضرب معاً في نفس الاتجاه ، لأن مثل هذه القوى جزء من جهاز الدولة القديم في اغلبها ليست مع الثورة بسبب مصالحها وامتيازاتها الاجتماعية ، وانها بمجرد ان تنتهي معركتها مع السلطة السياسية ، سواء استعادت نفوذها او لم تستعيده داخل جهاز الدولة كالقضاء ستتوقف عن الحديث عن الشعب والثورة وتعود من جديد إلى حضن الدولة القديمة ، ايا من كان في السلطة ، الاخوان أو الليبراليين والاصلاحيين الشعبويين امثال البرادعي وحمدين صباحي ،
وعلينا ان ننتبه جيداً لحقيقة موقف القوى الاصلاحية والانتهازيين الاشتراكيين وسلوكهم العملي ، انهم جميعاً وفي مقدمتهم البرادعي وحمدين لا يعادون سلطة الاخوان ولا يسعون لاسقاطها وقد كانوا يتفاوضون معها حول الجمعية التأسيسية والدستور حتى ايام قليلة قبل ذكرى محمد محمود والآن يختلفون معها حول الاعلان الدستوري والصلاحيات المطلقة لمرسي وتغوله كما يقولون على باقي السلطات .. أنهم ليسوا مع شعار الميدان الثوري ” الشعب يريد اسقاط حكم الاخوان ” ، وإن كانوا كإنتهازيين ليسوا ضد استخدام الشباب له في المظاهرات والاعتصامات للضغط على مرسي وجماعته حتى يقدم لهم بعض التنازلات لمشاركته في السلطة هذا اقصى امانيهم وطموحهم الثوري !! هذا ما ينبغي أن ندركه جيداً أن تلك القوى الليبرالية والشعبوية اليسارية لن تواصل مع القوى الثورية مسيرة الثورة حتى الانتصار النهائي ، انهم يشاركون بطريقتهم حتى يصل القطار إلى محطتهم ، اما بقبول الاخوان مشاركتهم في السلطة ، او أن تتمكن الثورة بنضالها وتضحياتها بالإتيان بهم إلى السلطة بديلاً عن الاخوان . وعندها سيقولون للقوى الثورية ان الثورة قد انتصرت وانتظروا تحقيق اهدافها في الحرية والعدالة الاجتماعية ، وشكراً على تضحياتها ، وما عليها إلا الانصراف ليتفرغوا لبناء الاستقرار المنشود الذي يحاول فيه مرسي وجماعته منذ مجيئه للسلطة بصرفه الجميع من احتجاجات اجتماعية وتظاهرات واعتصامات .. إلخ سواء بالوعود الفارغة او بالقمع والغش والخداع حتى لو وصل الامر أن يذهبوا إلى الحرب الاهلية يكل اهوالها . فقد جاءتهم فرصة يحلمون بها منذ عقود ، ولن يفوتونها حتى لو كان الثمن الوطن بأكمله !! فهم مؤيدون من الله ! وظله على الارض ! والثورة عليهم رجس من عمل الشيطان ! يستحق من يقوم به القتل والرجم والتقطيع من خلاف ؟!
علينا ان نميز بين الاصلاحيين واليسار الانتهازي والثورة ، وحدود السير مستقلين عنهم ومعهم دون التحالف ، وكشف انحيازاتهم الاجتماعية الحقيقية ، انها ليست مع الطبقات الكادحة والفقراء مهما ادعوا غير ذلك ، وحدود التغيير الذي يبغون المرتبط دائماً بالدستور ثم اجراء انتخابات برلمانية نزيهة يرون انها ستأتي بهم إلى البرلمان أغلبية ستكتسح ” التيار الإسلامي ” ، وعندها ستنتصر الثورة ، على طريقتهم البرلمانية ، انها اوهام الاصلاحيين والانتهازيين في احسن الاحوال ، أما خبرة الثورات في العالم حتى الآن انه لم تتحقق سلطة الثورة إلا عن طريق الانتفاضة الثورية الكبرى واحراز انقلاب ثوري في المجتمع يطيح بالطبقة الرأسمالية السائدة وحلفائها لتحل محلها الطبقات الثورية الشعبية في السلطة والدولة من اجل تحقيق اهدافها في العدالة الاجتماعية والتحرر الانساني ، كل الشواهد على الأرض تقول بأن مرسي وجماعته لم يحكم سيطرته على أجهزة الدولة والمجتمع ، وان المعارضة الرسمية تتحصن في خندق ” جبهة الانقاذ الوطني ” تنتظر تراجع مرسي عن إعلانه الدستوري للتفاوض معه .
ان معركة “الاعلان الدستوري ” قد اصابت مرسي وخكم الاخوان في مقتل ، فمن الصعب عليه ان يتراجع عنه لانه سيفقد كل ما تبقى له من مصداقية قد حصل عليها بالغش والتدليس والخداع السياسي الديني حتى امام شباب والقيادات الوسطى للجماعة ، واذا لم يتراجع فسوف ندخل في صدام مع قوى الثورة صاحبة الموقف الجذري من حكم الاخوان والقوى الاصلاحية وغالبية الشعب وجزء لا يستهان به من اجهزة الدولة ” القضاء والشرطة والجيش لانه سيصبح عبء على النظام القائم وهو ما يفتح الطريق امام خيارالحرب الاهلية بين القوى المعادية للثورة بقيادة الاخوان وبين قوى الثورة والشعب ، او خيار التضحية بحكم مرسي قبل مرحلة الانهيار الكامل للدولة بمباركة امريكية كالعادة ، وذلك لقطع الطريق ان تقوم قوى الثورة بهذه المهمة فحينها سيكون هناك وضع جديد تحدده ملامح لحظة الاسقاط والقوى المشاركة فيه والطريقه التي تم بها ..
الايام القادمة صعبة وعصيبة وتطرح رياح ثورية عاتية لا يستطيع احد ان يحدد نتائجها الآن ، ولكنها ستأتي في حدها الادنى بنضج اعلى لقوى الثورة ومزيد من انخراط الطبقات الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة مما يطرح موازين قوى جديدة ومعادلة جديدة للثورة وتطورها على طريق الانتصار النهائي .
ان طرح شعار الاضراب العام على الطبقه العاملة وكل الفئات التي شاركت في الاحتجاجات الاجتماعية منذ بداية الثورة اصبح ضرورة عملية على طريق الانتفاضة الثوية الكبرى .
الثورة المصرية حرب طويلة وممتدة بين قوى الثورة الشعبية وقوى الرأسمالية الطفيلية التابعة المعادية للثورة ونظام حكمها الرجعي ، ولا يعرف احد نتائجها من البداية . ولكن المصالح التاريخية للقوى الثورية ، الطبقة العاملة والطبقات الشعبية الاخرى هي الدافع للايمان والاصرار والثقة في الانتصار وتحقيق اهداف الثورة مهما طال أمد الحرب وزادت التضحيات .ان علينا تشكيل حكومه ثوريه مؤقته من كل القوى الثوريه المنخرطه فى الثوره من قادة ميادين الثوره وقادة الاضرابات والاحتجاجات والاعتصامات من اجل الاجهاز التام على الثورة المضاده وتحقيق اهداف الثوره – عيش –حريه – عداله اجتماعيه وبناء ” جمهورية ديموقراطية شعبية ”

وانها لثورة حتى النصر .. والمجد للشهداء

Topic
Archive