إن ذكرى نكبة فلسطين يجدر بها أن تكون هذا العام أكثر حضورا من المعتاد، ليس فقط بحكم تصاعد سياسات الطرد والاغتصاب والتصفية والحصار ضد الشعب الفلسطيني، بل أيضا لتنامي الوقاحة الأوروبية والأمريكية في دعم هذه السياسات وابتزاز المزيد من التنازلات من قيادات العرب والفلسطينيين الذين لم يبق لديهم حتى ورقة توت أخيرة يخلعوها تنازلا وتسهيلا لـ”عملية السلام”.
تحل ذكرى النكبة هذا العام وحكومة العدو تخطط لطرد ألوف الفلسطينيين من الضفة الغربية وتسير قدما في تهويد القدس ومحيطها، وتواصل بناء المستعمرات، في حين يعاونها نظام مبارك في إحكام الحصار على قطاع غزة المحرّر مكملا الطوق بجدار العار.
تحل ذكرى النكبة وشعب فلسطين منكوب في من يدّعون تمثيله، وها هو رئيس حكومة العمالة في رام الله يسير قدما في تصفية منظمات المقاومة وفي التنسيق الأمني مع العدو، ويتنازل علانية عن حق العودة وأمام الملأ وفي منابر الحركة الصهيونية، داخلا هو وبطانته كتاب جينيس للأرقام القياسية بأعمال الخيانة قبل أن يدخله ومعه الشعب الفلسطيني لأكبر رغيف “مسخن” أو أكبر قطعة “كنافة”.
تحل ذكرى النكبة وحركة التضامن مع الشعب الفلسطيني في حال أسوأ مما كانت عليه في سنوات ما بعد أوسلو، فبعد أن طويت البيارق وعاد كل إلى بيته يواصل الصهاينة العمل المنهجي لعزل ومحاصرة كل من تسوّل له نفسه انتقاد الكيان الصهيوني، وليصبح الاعتراف بمشروعية الكيان العنصري الغاصب بديهية لابد منها لتعترف بك المؤسسات الأوروبية والأمريكية كبشر. إن تكريم القادة الصهاينة بدلا من محاكمتهم كمجرمي حرب ما هو إلا نتيجة طبيعية للتوسع الصهيوني في الفراغ الذي خلّفه غياب القوى العربية والإسلامية المضادة، ولضعف مناوئي الصهيونية والإمبريالية الأمريكية المؤسساتي، فبعد أن أتحفتنا بلدية فيينا بميدان تيودور هرتزل ثم بشاطئ تل أبيب، قبل أن يستقبل وزير الدفاع النمساوي في كانون أول (ديسمير) الماضي مجرم الحرب إيهود باراك ولم تجف دماء شهداء غزة ولا حبر تقرير غولدسوتون، لحقت بها زميلتها الباريسية فأطلقت إسم صانع النكبة ديفد بنجوريون على أحد ميادين العاصمة الفرنسية، وإن رشت بلدية فيينا قيادات المسلمين فيها بتسمية ميدان باسم نمساوي مسلم (وبئس المقارنة!)، فأن بلدية باريس لم تجد ما يدعوها لرشوة قيادات الفلسطينيين فرفضت حتى إطلاق اسم ياسر عرفات على أحد شوارعها ذرا للرماد في العيون، فحتى حجم الرشوة يحدده حجم المرتشي.
من ناحية أخرى فإن ذكرى النكبة هي أيضا تجسيد لعقود من النضال وللثبات على مطلب التحرير والعودة، ولثورة قدمت ألوف الشهداء والأبطال وكانت رافدا ومثالا لحركات التحرر من الاستعمار في كل أصقاع الأرض، ولإصرار شعب على مواصلة النضال رغم المعاناة والحصار والتواطؤ، ورغم خيانات من امتطوا نضالاته وادّعوا تمثيله، ورغم تنامي وحشية العدو، وهاهو قطاع غزة المحرر من الاحتلال والعمالة في عامه الرابع يتمسك بخيار المقاومة ويرفض الخنوع رغم الحصار ورغم التآمر، ولابد أن تصحو النخب السياسية تدرجيا من وهم الدويلة الفلسطينية في الضفة وغزة لتعود إلى المطلب الأساسي في العودة وإقامة الدولة الديمقراطية على كامل تراب فلسطين.
إن ذكرى النكبة هي المناسبة الأمثل لنذكّر كل هؤلاء أن القضية هي قضية من طردوا عام 1948 ومطلبهم بالعودة، وقضية من تجزأ وطنهم إلى دويلات قمع يتوسطها الكيان الصهيوني ومطلبهم بالوحدة والحرية والحياة الكريمة، وهي ليست ولن تكون مجرد قضية تمرير مواد تموينية وبطانيات إلى غزة أو تجميد استيطان قرب بيت لحم أو إعطاء تصاريح عمل وتنقّل بين الخليل ونابلس أو فتح وإغلاق معابر حدودية. إنها صراع وجود بين مشروعين، بين الحرية وبين الاستعمار.
لكل هذا ندعو الجميع إلى إحياء ذكرى النكبة حيثما تواجدوا، وهنا إلى المشاركة في تظاهرة قوى التضامن العربية والنمساوية في ذكرى النكبة
المكان: فيينا، وسط البلد، ميدان شتيفانزبلاتز
الزمان: من الساعة الثالثة إلى السادسة من بعد ظهر السبت، 8 أيار (مايو) 2010
نادي فلسطين العربي
فيينا – النمسا