الأول: أن خطاب هذا الاسبوع هو خطاب اتفاق أوسلو.
تقول رسالة الدعوة التي وجّهها المنظمون للتعريف بندوة “الدولة الفلسطينية وحق العودة” المنعقدة ضمن فعاليات الأسبوع: “نأمل من خلالها [أي الندوة] ان نسلط الضوء على واقعية و إمكانية اقامة دولة فلسطينية (وتحديدا على ما يسمى اراضي 67) ضمن الوقائق و الحقائق الموجودة حاليا على الارض … [وبحث] حقيقة وواقع وضع أراضي مناطق 67 و خصوصاً في ضوء ما تم وما يتم من مصادرته منها ليس فقط بالنسبة للمساحات ولكن ايضا بالنسبة لمواقع ونوع الاراضي التي يتم مصادرتها؛ و بالتالي ما يعنيه ذلك من امكانية واقعية اقامة دولة مقبولة ومتصلة وقابلة للعيش”.
هذا خطاب واضح يطرح سقوف أوسلو المتعلقة بإقامة “دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967” وخطاب السلطة الفلسطينية، وهو اعتراف مباشر وكامل بشرعية قيام دولة الكيان الصهيوني على أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، إضافة إلى إعادة ترويج حل الدولتين الذي صار من فرط تهتكه على شفا الانهيار الكامل على كل المستويات.
الثاني: أن الراعي الرئيسي ومكان انعقاد معظم فعاليات هذا الاسبوع هو “مسرح البلد”
وهي مؤسسة غارقة حتى ما فوق أذنيها بتمويل السفارات الاوروبية والاتحاد الاوروبي، وهو ذات الاتحاد الاوروبي الذي يدعم “إسرائيل” إقتصاديا، ويوفر لها الغطاء السياسي لإجرامها المستمر في منطقتنا العربية، ويوفر لها التسليح والدعم العسكري اللازم، ويقدم لنا يومياً مبادرات التطبيع والتعايش والسلام تحت أكثر من غطاء.
الثالث: أن الاسبوع يستضيف ضمن فعالياته عضو كنيست
أكن لحنين زعبي كل الاحترام والتقدير، بمبادراتها النضالية (وخصوصاً ضمن مشاركتها في أسطول الحريّة) وبصمودها الصلب في أرض فلسطين المحتلّة عام 1948 رغم كل المحاولات الصهيونية لاقتلاع أهلنا هناك من جذورهم. هذا لا جدال فيه ولا نقاش، وأكثر من ذلك، أتفهّم خصوصيات الاستمرار في سياق دولة استيطان استعماري مثل “إسرائيل”، والتحديات التي يواجهها إخوتنا هناك لمجرّد البقاء.
الاشكالية الأساسية تكمن في صفة حنين زعبي كعضو كنيست تحاضر في بلد ترتبط سلطته السياسية بمعاهدة “سلام” مع الكيان الصهيوني الذي يُعتبر الكنيست أحد أهم مؤسساته وأركان نظامه. هكذا تصبح المسألة ذات أبعاد أكثر وأعمق من كون عضو الكنيست هذا هو حنين زعبي بالتحديد.
إضافة الى ذلك، هناك قوى سياسية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 تحمل موقفاً أكثر جذرية وأقرب إلى ما نعبّر عنه هنا في الأردن من خلال رفضها الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني ومقاطعتها لانتخابات الكنيست ومؤسسات الدولة الصهيونية، مثل حركة أبناء البلد، وبالامكان التواصل معهم، وبإمكانهم أن يغطّوا بسهولة العنوان المطروح في هذا السياق وهو “فلسطينيو 48: واقع ومستقبل”، فلماذا لم يتم دعوة مثل هؤلاء؟
الرابع: أن هذا النشاط يحمل دعوة مباشرة للتطبيع
في الفعالية المخصصة لاتفاقية وادي عربة ضمن أنشطة الأسبوع نقرأ التالي: “عرض فيلم وادي عربة، يليه حوار: تحدّيات السلام في المنطقة”. اقرؤوا جيّداً وبتمهّل: تحدّيات – السلام – في – المنطقة!!!
اذا لم يكن هذا هو الخطاب الاساسي للتطبيع في المنطقة والمنتشر بكثرة في أدبيات المنظمات الممولة أجنبياً، فماذا يكون؟ العنوان يقول أن لدينا “تحدّيات” -يجب أن نعرّفها ونتجاوزها بالطبع- من أجل إنجاز “السلام” -مع العدو الصهيوني ما غيره- في “المنطقة” -غيّر المعرفة والتي يُغفل دائماً عن ذكر هويّتها لنتمكّن من استيعاب “اسرائيل” فيها-!!!
لكل هذه الاسباب، كان من المنطقي أن ينسحب الدكتور عادل سمارة المعروف بمواقفه الجذرية من المشاركة في ندوة “الدولة الفلسطينية”، وأن ينسحب الناشط والمؤلف في موضوع مقاومة التطبيع الأستاذ خالد الحباشنة من ندوة “تحديات السلام”، كما انسحب المخرج أحمد الرمحي صاحب فيلم وادي عربة من المشاركة.
ولكل ذلك، أدعو الجميع من المشاركين الذين لم ينسحبوا، وعلى رأسهم المطران الشجاع عطا الله حنا، الى الانسحاب، كما أدعو الجميع الى مقاطعة فعاليات هذا الأسبوع، كما أدعو الشباب المخلصين الذين تحمّسوا للعمل من خلاله لخدمة قضية عادلة إلى التدقيق جيّداً في الاجندات المضمرة فيه والانسحاب من العمل، كما أدعوهم أن يدققوا كثيراً قبل الانخراط العشوائي في الانشطة والركض خلف منظّميها.
———————————————————-
*كاتب وقاص، وناشط في مقاومة التطبيع.