وكما هو الحال في حادث السفينة اليونانية جوليانو الذي اكتشف منذ أيام، يظن أن محور التحويل في مروحة السفينة قد كسره غواصو وحدة خاصة، مما لم يكن ليعرقل إبحار السفينة على الفور، لكنه كان سيؤدي غالبا إلى بسقوط المروحة في عرض البحر، مما يؤدي إلى تسرب الماء على الفور إلى غرفة المحركات وغرق السفينة من ثم.
أما كيف تجري ممارسة فعل التخريب هذا عملياً فقد تمكن الوفد النمساوي –الذي تقاسم خفارة السفينة “ستيفانو تشياريني” الليلة الماضية- من مشاهدتها عيانياً، “ففي تمام الرابعة فجراً ظهر فجأة كما لو من العدم قارب سريع شديد الصخب، وفي نفس الوقت ظهرت فقاعات هوائية على الجانب الأيسر للسفينة” كما أعلن جيرالد أوبرماير من لينز صباح اليوم أمام تجمع لمجموعة من مسافري ما يدعى بالسفينة الأممية، وما أن ظهر خفر السواحل اليوناني الذي جرى إبلاغه على الفور حتى عاد الهدوء فجأة. ولم يسجل غواصو خفر السواحل اليوناني صباح اليوم أية أضرار بالمركب.
المعركة حول المبادرة الإعلامية
في نفس الوقت سربت في الأيام الأخيرة عن إلى وسائل الإعلام العالمية معلومات إسرائيلية المنشأ، تفيد بأن عضوين مزعومين في منظمة حماس “الإرهابية” حسب تصنيف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتواجدان على ظهر سفينة ستيفانو تشياريني الأممية؛ أمين أبو رشيد من مركز اللاجئين الفلسطينيين RPC في لندن، ومحمد هامون من منظمة ABSPP الإنسانية الإيطالية.
وبالفعل فإن هاتين، شأن أغلب منظمات اللاجئين الفلسطينيين، مصنفتان من قبل إسرائيل على أنهما منظمات غير حكومية مقربة من حماس، غير أن التدقيقات الموقعية أفضت إلى أن أياً من المذكورين ليس على ظهر أي من السفن، أي أن الأمر لا يمكن أن يكون إلا نموذجاً للحرب الدعائية التي تشنها إسرائيل حالياً على أسطول غزة.
أثناء ذلك ظهر أن “الأسلحة الكيمياوية” المحملة على إحدى السفن على هيئة حوامض حاوية على الكبريت حسب تقارير الإعلام الإسرائيلي، ليست سوى أسمدة عادية مرسلة إلى فلاحي غزة، وعند مجابهة الناطقة الصحفية للجيش الإسرائيلي بهذا التصحيح، فقد أكدت على استحياء أن أسلحة خطرة يمكن أن تصنع من هذه المواد المشحونة.
يبدو أن تناقضاً معيناً يعتري مسار الحرب الإعلامية ضمن الحكومة الإسرائيلية، ففيما أعلن ناطق صحفي حكومي قبل أيام أن الصحفيين المرافقين للسفن سيعاملون معاملة الناشطين وستسحب أجهزة عملهم وسيمنعون من دخول البلاد لعشر سنوات، تراجع رئيس الوزراء نتنياهو بعد اجتماع لمجلس الوزراء كرد على احتجاجات الهيئة العالمية للصحفيين (على الأخص “مراسلون بلا حدود”) عن هذه التصريحات، وذكر أن الحكومة “ستعيد النظر” بإجراءاتها حيال الصحفيين. وحين سأل صحفي الناطقة باسم الجيش كيف سيعامل الصحفيون إذن على متن أسطول غزة في الواقع، أجابت باقتضاب:” حسب ما تفضي إليه التحقيقات”.
مقاطعة وشيكة من قبل سلطات (أجهزة) الموانئ اليونانية
في هذه الأثناء تقف جميع السفن جاهزة للإقلاع نحو غزة، باستثناء الإيرلندية واليونانية-النرويجية-السويدية والأمريكية والكندية، التي لا تزال بانتظار الرد على اعتراضها على الدعاوى المرفوعة من قبل مدعين أفراد بشأن الزعم بـ “عدم الصلاحية البحرية” للسفن. مع ذلك تماطل سلطات الموانئ اليونانية في إبراز التصاريح بمغادرة الموانئ المختلفة، حتى أن إحدى السفن الفرنسية التي غادرت كورسيكا منذ ما يزيد على الأسبوع، والتي تلقي بمرساتها الان في ميناء يوناني من أجل التزود بالوقود قد حرمت منه.
كل هذه المكائد التي تدل على نهج مماطلة مقصودة من قبل الحكومة اليونانية كانت مبرراً لاحتجاجات شديدة أمام السفارات والقنصليات اليونانية في فرنسا وأيطاليا على الخصوص. ويمكن التصور أن هذه الاحتجاجات ستتزايد في الأيام التالية. أما أن تقلع السفن- رغم ذلك- اعتباراً من يوم محدد كموعد نهائي دون موافقة سلطات الموانئ، فما يزال موضع نقاش المشاركين في أسطول غزة.
وعلى أي حال فستشهد غزة ذاتها غداً السبت تظاهرات جماهيرية تحت شعار “دعهم يمضون!”