حول آخر التطورات في سورية وعلى خلفية”جمعة الحماية الدولية” أجرى موقع المعسكر المناهض للإمبريالية المقابلة الهاتفية التالية مع المعارض والكاتب السوري الأستاذ صبحي الحديدي
أعلنت مجموعات الانتفاضة السورية يوم الجمعة 11 أيلول (سبتمبر) “جمعة الحماية الدولية”. هل تطالب قوى الانتفاضة في سورية فعلا بتدخل دولي؟ أي شكل من الحماية يطلب المنتفضون؟
يجب التمييز بين الحماية الدولية عن طريق دول وحكومات، وهذه لا نثق بها لأن الحكومات لها مصالحها ولديها معايير مزدوجة في موضوع حقوق الإنسان، وبين حماية المدنيين وهذه لها طرق سلمية مثل قيام منظمات حقوق إنسان غير حكومية كمنظمة العفو الدولية أو مركز مراقبة حقوق الإنسان بإرسال مراقبين يقيمون في المدن السورية، وكذلك حرية الحركة والتغطية لوسائل الإعلام السورية المستقلة العربية والأجنبية، حيث سيخفف حضورها من قدرة النظام على ممارسة القمع الوحشي للتظاهرات. هذا يختلف عن التوجه إلى الخارج كدول، حتى منظمة أمم متحدة ليست بريئة وتمثل أجندات الدول الكبرى.
هل تؤيدون مطلب البعض بفرض عقوبات دولية ضد الدولة السورية ؟
أنا ضد فرض العقوبات لأنها في الدرجة الأولى تضر الشعوب قبل الأنظمة التي هي ومافياتها قابلة على التأقلم ، وحتى العقوبات التي فرضت هي مضحكة ولا تؤثر على المافيات الضخمة شريكة النظام والقادرة على تأمين مصالحها المالية، فهي مجرد إجراءات تجميلية ونفاق تمارسه الحكومات الغربية تحت ضغط الرأي العام في بلدانها. من ناحية أخرى ربما تضعف بعض العقوبات الموجهة حلفاء السلطة من رجال الأعمال مثل رئيس غرفة تجارة حلب وبعض أصهار بشار الأسد الذين لهم استثمارات كبيرة في أوروبا، وهؤلاء يدفعون رواتب الشبّيحة.
انعقدت في الأسابيع الأخيرة عدة مؤتمرات للمعارضة السورية في الخارج قامت بانتخاب أو تسمية عدة قيادات وتمثيليات. إلى أي مدى تعبر هذه التحركات عن الانتفاضة الشعبية في الداخل؟
هذه اللقاءات في غالبيتها عقيمة تضر أكثر مما تنفع، وتهدف لإرضاء أطراف معارضة في الخارج ليس لها امتداد كبيرفي الداخل ويقف وراؤها غالبا حركة الإخوان المسلمين ورجال أعمال من أمثال سنقر، أما في الداخل فالمعارضة قادرة على التعبير السياسي عن نفسها وإن لم يكن لديها نفس موارد وحرية حركة الخارج. هذه المؤتمرات كان أثرها عكسيا حيث عمقت الانشقاقات بين مجموعات المعارضة أي أضرّت بالحركة في الداخل. هذا الشكل من المؤتمرات لا يفيد الانتفاضة.
هل يعني ذلك أن هذه المؤتمرات لا يجب أخذها بمحمل الجدية؟
على العكس، يجب أخذها بجدية، وللأسف بشكل سلبي لأنها ليست فقط غير مفيدة، بل لأنها خطيرة، فهم لا يمزحون عندما يجلسون مع أناس من أمثال برنارد هنري ليفي، وكذلك يجب أن نأخذ بجدية هدفهم بتشكيل مجلس وطني أو إنتقالي سيكون همه البحث عن الطريق إلى الإيليزيه و10 داوننغ ستريت والبيت الأبيض. إنهم يحاولون أن يكونوا طرفا في الحوار مع الغرب، وهذا أمر جدّ خطير. بالطبع لا أريد أن أخوّن أحدا فربما نختلف في رأينا بما ينفع البلاد، وأعلم أن هناك أيضا نوايا حسنة ووطنية، لكن لابد من القول أن الطريق إلى الجحيم يكون أحيانا مبلّطا بالنوايا الحسنة.
ألم يكن هناك أشخاص بين من تمت تسميتهم كانوا يعتبرون محل إجماع معظم القوى السياسية؟
هذا بالتحديد يدخل ضمن الآثار المضرّة أي حرق شخصيات مجمع عليها، فشخص مثل برهان غليون هو محل إجماع، لكن في هذا الموقع سيضطر لإرضاء بعض الأطراف كالإخوان المسلمين وقبول حلول وسط، فلا يقول لا عندما تتطلّب بعض المسائل، وهكذا يوضع في محل هجوم بعد أن كان موضع إجماع.
ماهي برأيكم الأولويات القصوى الآن للانتفاضة في سورية ولحركة التضامن في الخارج؟
الأولوية القصوى هي أولوية ميدانية وهي تأمين وسائل الاستمرار للانتفاضة، وهذا يشمل المواد والمعدات الطبية والبيوت الآمنة وغير ذلك، وأيضا الدعم الخارجي عبر إقامة علاقات إعلامية ونقل صوت الانتفاضة إلى العالم. ربما تكون أكبر خدمة نسديها للانتفاضة هي الكفّ عن التشويش عليها بالمؤتمرات والمجالس عديمة الفائدة.
يجب إيصال صوت الشارع السوري للعالم، فالشارع السوري قد طلب حماية المدنيين وليس حماية دولية، وحماية المدنيين هذه ربما تكون ضرورية اليوم أكثر من السابق لأن من المتوقع أن يلجأ النظام الذي يتخبط ويعاني من سكرات الموت إلى أقصى درجة من العنف في نزعه الأخير. الأولوية الآن هي أن تؤمّن الانتفاضة أسباب البقاء والوحدة.
أجرى اللقاء: علي ناصر، 11 أيلول (سبتمبر) 2011