رغم اتفاق تبادل الأسرى بين المقاومة وبين العدو الصهيوني، ما زال إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام مستمرا من أجل تحقيق مطالب الأسرى بوقف عقوبات العزل ومن أجل استعادة الحقوق الإنسانية والسياسية التي قامت إدارة السجون الصهيونية بسحبها، خاصة مع استمرار حبس الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات إنفراديا حيث لم تشمله صفقة التبادل هو والقائد الفتحوي مروان البرغوثي وثلاثة من أبرز القادة العسكريين في حماس هم عبد الله البرغوثي وعدنان السيد وإبراهيم حامد..
في مدينة حيفا الساحلية في الداخل الفلسطيني المحتل احتلّت يوم السبت 8 تشرين الأول (أكتوبر) مجموعة من الناشطات والناشطين السياسيين ميدانا في حي الألمانية وبدأت إضرابا تضامنيا عن الطعام بهدف جلب الأنظار إلى قضية الأسرى وتفعيل نشاطات التضامن ورفع سقفها السياسي.
بين المضربين الإثني عشر في حيفا ثلاثة من المدونين الفلسطينيين الروّاد، مجد الكيّال ونزار جبران، ومهند أبو غوش الذي أجرينا معه الحوار الهاتفي التالي في اليوم الخامس من إضرابه عن الطعام.
ما هو هدف الإضراب عن الطعام خارج السجون؟ هل تتوقعون الضغط على الحكومة الإسرائيلية بإضرابكم؟
أبو غوش: أولا أود أن أذكر أننا في حيفا لسنا لوحدنا وأن خيام الإضراب قد نصبت هذا الأسبوع في أم الفحم والناصرة.
الإضراب له ثلاثة أهداف:
أولا دعم الأسرى المضربين معنويا حتى يعلمون بأنهم ليسوا لوحدهم في هذه المواجهة، وقد تمكنّا في اليوم الأول من الإضراب من إيصال الخبر إلى داخل السجون وإلى أحمد سعدات شخصيا الذي أرسل تحية للمضربين.
مع أهمية هذه النقطة فالأهم منها ثانيا هو إعادة حيفا إلى خارطة النضال الفلسطيني وإظهار أن مجتمعها قادر على النضال الوطني فوق اعتبارات التقسيم أو الخط الأخضر وغيرها من المسمّيات، وهذا يعني إنهاء عملية تسويق حيفا على يد الكيان الصهيوني كمدينة تعايش يسكنها عرب طيبون، فقد أوصلنا رسالة واضحة إلى أجهزة الأمن أن فلسطينيي حيفا هم فلسطينيون ويرفضون كل التسميات المقنّعة. باختصار لقد أعاد اللإضراب حيفا إلى فلسطين.
هدفنا الثالث وهو بنفس الأهمية هو بناء الوعي لعمل شبابي فوق-حزبي يتجاوز الإنتماءات الحزبية الضيقة من ناحية كما ويعلي من سقف الأحزاب سياسيا من ناحية أخرى. وسيؤدي إلى خلق أشكال جديدة من النضال…
هل يعني هذا أيضا تجاوز الأحزاب التقليدية في أشكال جديدة من التنظيم؟
أبو غوش: نحن لسنا ضد التنظيمات والأحزاب الموجودة، بل نريد فقط تطوير وسائل النضال. المشاركون في الإضراب هم من عدة أحزاب وحركات سياسية، علما بأننا لم نسمح للأحزاب وللجنة المتابعة باختزال التضامن مع المعتقلين كما اختزلوا الإنتفاضة الفلسطينية بهبّة أكتوبر وشهدائها بالثماني وعشرين شهيدا الذين قدمهم الداخل الفلسطيني.
في العادة تقود الاحتجاجات “لجنة متابعة شؤون الأقليات العربية في إسرائيل”، وهؤلاء في نظر الكثرين مناضلون متقاعدون يحاولون امتصاص الغضب الشعبي بالخطابات وتفريغه من السياسة. الإضراب عن الطعام مكنّا من فرض مطالبنا هذه المرة.. أيضا بين المشاركين في الاعتصام والإضراب هناك عملية تغيّر في القناعات والمسلّمات الحزبية.
يعني اللإضراب عن الطعام هو أولا خطوة احتجاجية ضد سلبية الأحزاب التقليدية في الداخل؟
أبو غوش: بالإمكان القول أنه نوعا ما احتجاج على منطق تعامل البعض مع قضايا ملحّة وحيوية ككقضية الأسرى… الإضراب نجح في كسر سطوة الأحزاب الأبوية ورفع سقف التضامن السياسي، وهذا رأيناه في تظاهرة يوم الثلاثاء 11 تشرين أول (أكتوبر) في حيفا.
خبر اتفاق تبادل الأسرى وصل أثناء مظاهرة حيفا، كيف تلقى المشاركون الخبر؟
أبو غوش: في البداية كانت فرحة تلقائية، وكنا في حالة أيفوريا بالنصر، حيث ظننّا أن الكل قد خرج، لكن بعدها حين عرفنا أسماء الذين لن يفرج عنهم، ساد شعور بخيبة الأمل، ليس فقط لأن الشعب الفلسطيني قد دفع آلاف الشهداء ثمنا لعملية اختطاف الجندي الإسرائيلي ويطمح بأكبر المكاسب في صفقة التبادل، بل أيضا لإن الإفراج عن سجناء وسط الإضراب عن الطعام سيؤثّر على معنويات المضربين الباقين داخل السجون.. هنا نأمل أن تكون قيادة المقاومة قد أدرجت موضوع مطالب الأسرى داخل السجون في صفقة التبادل، لأن حياة بعض الأسرى في خطر. إضراب السجون ما زال مفتوحا، وقلقنا اللآن هو على اللإضراب والمضربين.
أي أنكم مستمرون أيضا في الإضراب؟
أبو غوش: بالطبع الإضراب متواصل، وهناك 12 شخصا في الناصرة انضموا، وأيضا في أم الفحم يعدّون لإضراب تضامني عن الطعام.. في حيفا أيضا يزداد عدد الراغبين في المشاركة في الإضراب وفي خيمة الاعتصام، ولدينا معايير في اختيار المضربين أولها الرغبة في الاستمرار لعدة أيام وأن يكون المضربون من الناشطين الميدانيين، لأننا لا نريد من يضرب يومين رفعا للعتب ثم يعود إلى البيت. حاليا نعمل على إصدار كرّاسة نaصائح سياسية ومعلوماتية للمشاركين في الإضراب عن الطعام، تتناول أيضا عملية الإعداد الجسدي قبل الإضراب والسلوك البدني والسياسي أثناء الإضراب..
ألا تخشون أن تطغى الفرحة العامة بخروج ألف أسير على أخبار إضراب الأسرى عن الطعام وعلى حركة التضامن؟
أبو غوش: بالطبع يجب الابتهاج والفرح بخروج الأسرى وسنكون نحن أيضا في استقبال المحررين، ونرى ان الاحتفالات بالذات يمكن الاستفادة منها في دعم قضية الأسرى، كما سنطلب من المحررين المشاركة في العمل السياسي والإعلامي لمساندة الرفاق المضربين.