هشام البستاني
hbustani2@yahoo.com
العدد: 774 – 2004 / 3 / 15
Ù?ÙŠ المنتدى الاجتماعي العالمي الرابع (الاجتماع الاكبر للمنظمات المناهضة للعولمة) المنعقد Ù?ÙŠ مومباي/الهند اواخر كانون الثاني من العام Ø§Ù„ØØ§Ù„ÙŠØŒ اتÙ?Ù‚ الجميع على ان يكون يوم 20 اذار 2004 يوميا عالميا للتعبئة العامة ضد Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال Ù?ÙŠ العراق، ØÙŠØ« ستخرج المسيرات والمظاهرات Ù?ÙŠ كل Ø§Ù†ØØ§Ø¡ العالم ØªØØª هذا الشعار.
على الجهة المقابلة تماما لمكان انعقاد المنتدى الاجتماعي العالمي، انعقد اجتماع آخر كبير لمنظمات مناهضة للعولمة والإمبريالية ØªØØª اسم “منتدى المقاومة 2004″ØŒ وقد كان هذا المنتدى اكثر جذرية Ù?يما يتعلق بالصراع ضد العولمة، والنظرة التØÙ„يلية Ù„ØØ±ÙƒØ© الامبريالية (الامريكية على وجه الخصوص) Ù?ÙŠ العالم، وسبل مواجهتها. Ù?ÙŠ منتدى المقاومة، لم يرض Ø§Ù„ØØ¶ÙˆØ± بÙ?”مناهضة Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال” Ù?قط، وانما اجمعوا على ضرورة رÙ?ع شعار “دعم المقاومة العراقية” Ù?ÙŠ مسيرات يوم 20 اذار.
لماذا “دعم المقاومة” لا “انهاء Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال”
تكتسب المعركة التي تدور الآن Ù?ÙŠ العراق بين الغزاة من الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© ÙˆØÙ„Ù?ائها من جهة وبين المقاومة الشعبية من جهة اخرى عدة ابعاد تجعل دعم المقاومة شعارا اساسيا وضروريا Ù?ÙŠ هذه Ø§Ù„Ù„ØØ¸Ø§Øª.
أولا: بعد ما ØØµÙ„ Ù?ÙŠ Ù?لسطين وبعدها اÙ?غانستان من تمييع للتناقضات وتØÙˆÙŠÙ„ الصراع السياسي الى ملÙ?ات Ù…Ù?ككة بمساعدة الNGOs (ØÙ‚وق عمال، ØÙ‚وق مرأة، ØÙ‚وق Ø·Ù?Ù„ØŒ ديمقراطية…الخ)ØŒ ÙˆØ§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ù†Ø³Ø¨ÙŠ Ù?ÙŠ اخراج اشكال كاريكاتورية للسلطة Ù?ÙŠ البلدان المنتهكة (ØÙƒÙˆÙƒØ© قرضاي Ù?ÙŠ اÙ?غانستان، مجلس الØÙƒÙ… Ù?ÙŠ العراق) او انتاج Ù…ØØ§ÙˆØ±/أذرع رأسمالية امبريالية اقليمية (الكيان الصهيوني Ù?ÙŠ المنطقة العربية)ØŒ ÙˆØ§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ù†Ø³Ø¨ÙŠ Ù?ÙŠ الانتقال من Ø§Ù„ØØ§Ù„ات الطارئة (العدوان والاغتصاب ÙˆØ§Ù„Ø§ØØªÙ„ال)ØŒ وتØÙˆÙŠÙ„ها الى ØØ§Ù„ات مزمنة (تسيير الامور والتعاطي مع المجتمع المØÙ„ÙŠ والهيمنة غير المباشرة)ØŒ آن لنا كجماهير، سواءً Ù?ÙŠ المنطقة العربية او Ù?ÙŠ Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ§Øª العالمية المناهضة للعولمة Ùˆ/أو الامبريالية Ùˆ/أو Ø§Ù„ØØ±Ø¨ØŒ ان نستوعب هذه الدروس، وان نعي أن شعارا سلبيا من نمط “اوقÙ?وا Ø§Ù„ØØ±Ø¨” لا يجدي Ù†Ù?عا امام الاطماع الامبريالية الأمريكية.
Ù?إلى من يتوجه هذا الشعار ومن يخاطب؟ أيخاطب الطبقة Ø§Ù„ØØ§ÙƒÙ…Ø© Ù?ÙŠ دول الشمال ودوائرها من الشركات العابرة Ù„Ù„ØØ¯ÙˆØ¯ المستÙ?يدة اصلا من هذا العدوان والقائمة عليه بالÙ?عل؟ ام يخاطب الجماهير المناهضة للعدوان، والتي لا تملك اصلا القرار السياسي Ù?ÙŠ بلادها، بل ولا تملك ØØªÙ‰ قدرة التغيير الراديكالي من داخل النظام؟ (بوش مثلا رئيس غير منتخب بل Ù…Ù?عيّن من قبل المØÙƒÙ…Ø© العليا الامريكية التي رÙ?ضت اعتماد نتائج اعادة عد الاصوات التي كان آل غور Ù?ائزا بناءا عليها! راجع ذلك بالتÙ?صيل Ù?ÙŠ كتاب: رجال بيض اغبياء لمايكل مور)
والامر Ù†Ù?سه ينطبق على شعارات سلبية اخرى مثل “اعيدوا القوات الى المنزل” او “انهوا Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال الان…”!
ان المطلوب الان من الجماهير الغاضبة من سياسات انظمتها ان تعي ان “تغيير السياسات” لن يؤدي الى تغيير البنى القائمة على الهيمنة والاستغلال. ان المطلوب الان من الجماهير الغاضبة من انظمتها ان تعي ان مجرد مطالبة هذه الانظمة بالتغيير لن يجـدي Ù†Ù?عـا (كما ØØµÙ„ Ù?ÙŠ ØØ§Ù„Ø© المظاهرات المليونية العارمة المناهضة للعدوان على العراق قبل ØØµÙˆÙ„ه، والتي لم تؤد الى Ø§ØØ¯Ø§Ø« تغيير Ù?ÙŠ خطط الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© ÙˆØÙ„Ù?ائها)ØŒ وهو ما يعني ان ØªØªØØ§Ù„Ù? الجماهير الأممية مع المقاومة ÙˆØªÙ†ØØ§Ø² بشكل ÙˆØ§Ø¶Ø Ø§Ù„Ù‰ المعسكر النقيض للامبريالية وتدعمه.
ثانيا: ان Ø§Ù„Ù„ØØ¸Ø© التاريخية الماثلة امام الشعوب ØØ§Ù„يا تتمثل Ù?ÙŠ ضرورة هزيمة العدوان الامبريالي على العراق. هذه الهزيمة التي -ان ØØµÙ„ت- ستشكل Ù…Ù?صلا هاما (ان لم نقل المÙ?صل الأهم) Ù?ÙŠ تØÙ‚يق انتصار الشعوب على الهيمنة والاستغلال، وستشكل داÙ?عا قويا للنضال المستمر Ù?ÙŠ Ù?لسطين، ولكل نضالات Ø§Ù„ØªØØ±Ø± ØÙˆÙ„ العالم.
ان انتصار الشعوب ÙˆØ¯ØØ± العدوان الامبريالي الامريكي Ù?ÙŠ العراق وما يترتب عليه من آثار، لن يتم الا بدعم هذه المقاومة من قبل Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© المناهضة Ù„Ù„ØØ±Ø¨/ العولمة/الإمبريالية، والخطوة الاولى تجاه ذلك هو التخلي عن الخجل الذي يقيد هذه Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© ويمنعها من رÙ?ع شعار “دعم المقاومة العراقية” بسبب طبيعتها العسكرية، وبسبب الشعار الزائÙ? الذي يسوق Ù?ÙŠ الاوساط المناهضة للعولمة على انه الخيار الاكثر مسايرة “للموضة”ØŒ وأقصد به شعار المقاومة المدنية اللاعنÙ?ية.
ان الاشكال والتعبيرات الموضوعية للمقاومة تتباين من موقع لآخر Ø¨ØØ³Ø¨ الظروÙ? القائمة وشكل العدوان ودواÙ?عه وأهداÙ?ه، واشكال المقاومة غير خاضعة للتعليب والقولبة، والا سيكون مناهضو الامبريالية يمارسون رذيلة امبريالية بامتياز. Ù?ماذا يريد “اللاعنÙ?يون” من العرب العراقيين؟ أن يتركوا انÙ?سهم وبلادهم وثرواتهم عرضة للنهب والاغتصاب ÙˆØ§Ù„Ø§ØØªÙ„ال والهيمنة دون أن ÙŠØØ±ÙƒÙˆØ§ ساكناً ØªØØª عنوان “المقاومة المدنية” Ùˆ”اللاعنÙ?”؟؟ إن الشعار Ù?ÙŠ هذه Ø§Ù„ØØ§Ù„Ø© (وآسÙ? لصدمة البعض هنا) هو: نعم Ù„Ù„ØØ±Ø¨..ØØ±Ø¨ المقاومة ÙˆØ§Ù„ØªØØ±ÙŠØ±.
ثالثا: بينا اعلاه ان دعم المقاومة هي مسألة اساسية وهامة Ù„Ø¯ØØ± العدوان الامبريالي الامريكي على العالم، وانه ÙˆØØ¯Ù‡ الكÙ?يل بتشكيل نقيض موضوعي لهذا العدوان. وعليه، Ù?ان المسألة الثالثة الهامة Ù?يما يتعلق ب”دعم المقاومة” تنبع من مسألة ان المقاومة العراقية الآن معزولة تماما خصوصا على المستوى السياسي، وهذه العزلة تنبع من امرين:
1-عدم تواصل Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية مع المقاومة العراقية ودعمها سياسيا، وعدم Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية كسر هذا “التابو” الذي تÙ?رضه الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© وترضخ لها للأسÙ? كثير من المنظمات ÙˆØ§Ù„ØØ±ÙƒØ§Øª.
2-عدم تشكل واجهة سياسية للمقاومة العراقية ØØªÙ‰ الآن، وهو ما يجعل المقاومة العراقية غائبة عن Ø§Ù„Ø³Ø§ØØ© الشعبية العالمية وغير مؤثرة Ù?يها.
ان Ù?Ùƒ العزلة عن المقاومة العراقية عالميا ÙƒÙ?يل بتØÙ‚يق اسناد ØÙ‚يقي لجهودها من اجل تصÙ?ية Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال ونقلها خطوة الى الامام على هذا الطريق، اضاÙ?Ø© الى تØÙ?يز المقاومة لبلورة واجهة سياسية تمثلها ÙˆØªØªØØ¯Ø« باسمها وتتÙ?اعل مع Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية بايجابية بهدÙ? هزيمة المشروع الامبريالي Ù?ÙŠ العالم.
رابعا: دأبت الولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© ومنذ 11 سبتمبر، على وصÙ? ØØ±ÙƒØ§Øª المقاومة ÙˆØØ±ÙƒØ§Øª Ø§Ù„ØªØØ±Ø± الوطني ب”الارهاب”ØŒ بينما قامت (هي وعدد كبير جدا من الدول) باصدار قوانين قمعية ØØ¯Øª من Ø§Ù„ØØ±ÙŠØ§Øª الداخلية ØªØØª مسمى “قوانين مكاÙ?ØØ© الارهاب”ØŒ ومارست على الارض همجية بالغة القسوة: من Ø§Ù„ØØ±Ø¨ والعدوان، الى Ø§ØØªØ¬Ø§Ø² الناس ØªØØª ظروÙ? لا آدمية (معتقل غوانتانامو كمثال) ومعاملتهم كأنهم اشياء لا بشر (الممارسات الامريكية الهمجية Ù?ÙŠ العراق واÙ?غانستان) ØªØØª مسمى أن هؤلاء “مقاتلين غير شرعيين” Ùˆ”ارهابيين”.
ولعبة المÙ?اهيم هذه تأتي من الدروس التي تعلمتها الامبريالية من تجربتها Ù?ÙŠ Ù?يتنام والتواصل الشعبي العالمي مع قوى المقاومة Ù?يها، وتجربة ØØ±ÙƒØ§Øª Ø§Ù„ØªØØ±Ø± والاستقلال بعد Ø§Ù„ØØ±Ø¨ العالمية الثانية التي كانت مثار إلهام، واعتبر قادتها رموزا (تشي جيÙ?ارا، جياب، عبد الناصر كأمثلة). الامبريالية الامريكية لا تريد تكرار هذه المسألة، ولهذا Ù?هي تغدق على المقاومين أقذع الصÙ?ات والرذائل Ù?ÙŠ Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© (يبدو انها Ù†Ø§Ø¬ØØ© الى ØØ¯ بعيد) لمنع أي تضامن جدي، ولقطع الطريق امام اي اتصال Ù…ØØªÙ…Ù„ØŒ Ù…ØÙˆÙ„Ø© اياهما الى نوع من “القذارة” السياسية.
ان رضوخ Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية لهذه المÙ?اهيم التي ØØ¯Ø¯ØªÙ‡Ø§ الامبريالية، يمثل نكسة كبيرة لجهودها Ù?ÙŠ ازالة الظلم ومنع العدوان، وبل مشاركة لها Ù?ÙŠ ايقاع هذه الهزائم بطريقة غير مباشرة. ÙˆØ§Ù†Ø³ØØ§Ø¨ Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية من مهمة دعم المقاومة ومساندتها سيصب Ù?ÙŠ خانة الإمبريالية ومساعيها الرامية الى ازالة الشرعية عن المقاومة Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„ØØ© Ù?ÙŠ العراق وغيرها من الاماكن.
خاتمة: المقاومة Ù?ÙŠ مواجهة الابتزاز الامبريالي
على Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية ان لا تخضع للابتراز الامبريالي مطلقا: Ù?المقاومة عملية مشروعة، بل ومطلوبة، وهي ليست “ارهابا” ولا هي بالامر Ø§Ù„Ù…ØØ±Ø¬ امام دعوات اللاعنÙ? والمقاومة المدنية، بل هي ضروروة لوقÙ? الهمجية والظلم.
ان الجو العام الذي يسود Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية ويستدعي كتابة مثل هذا المقال للتأكيد على ØÙ‚ المقاومة Ù?ÙŠ الوجود والنضال بكل الاشكال، بما Ù?يها الاشكال Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„ØØ©ØŒ لهو مؤشر سلبي يدل على مدى Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ø¬Ù‡ÙˆØ¯ التي ترمي الى تÙ?تيت Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© وتØÙˆÙŠÙ„ها الى مكان لاجترار الكلام والمبادرات دون تØÙ‚يق شيء على الارض، كما يؤشر ذلك الى مدى Ø§Ù„ØØ§Ø¬Ø© الى تكثيÙ? الجهود من قبل المنظمات الشعبية العربية والعديد من المنظمات العالمية الجذرية لاختراق السلبية والضبابية التي بدأت تلÙ? Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© العالمية المناهضة للعولمة والامبريالية وتدÙ?عها Ù†ØÙˆ الاطراÙ?: المكان الوØÙŠØ¯ الذي تريده لها الامبريالية.