Site-Logo
Site Navigation

اعتذار من المهاجرين الاÙ?ارقة: انتم لستم مثلنا.. انتم اÙ?Ø

18. October 2005

توÙ?يق رباحي

استسمح رئيس التحرير Ù?ÙŠ الانحراÙ? بهذه الزاوية بعيدا عن موضوع التلÙ?زيونات الÙ?ضائية والارضية الي ما هو اكبر. الي العنصرية التي عجزنا جميعا عن اخÙ?ائها Ù?Ù?ضحتنا امام انÙ?سنا وامام الرأي العام العالمي.
اقصد ما احاط بموضوع المهاجرين الاÙ?ارقة الذين خاضوا حرب اقتحام اسوار سبتة ومليلية بشمال المغرب طمعا Ù?ÙŠ الوصول الي اوروبا.
امتحان واحد بسيط ÙƒÙ?ÙŠ لكشÙ? عوراتنا وانحطاطنا السياسي والÙ?كري والاخلاقي.
مشكلة الهجرة Ù?ÙŠ الحالة التي امامنا، لا تخص المغرب كدولة، ولا تخص منطقة المغرب العربي. انها مشكلة الدول الغنية، لكن الحكومات المغاربية، بغبائها السياسي، وبقصر نظرها، بÙ?كرها التآمري ازاء بعضها، تسلمت المشكلة وتحملت عارها ÙˆÙ?ضيحتها، ولبّست Ù†Ù?سها تهمة بجنح لم ترتكبها ولم يكن واردا ان تÙ?حاسَب عليها.
ورغم ان المشكلة هي مشكلة الدول المتقدمة بالاساس، ولا تعني المغرب الا من حيث كونه محطة عبور (مثل الجزائر) قد تطول وقد تقصر، بدر من بعض مؤسساته وبعض صحاÙ?ييه وبعض نخبه ما لا يشرّÙ? ولا يريح.
اذا كانت قوات الامن اطلقت الرصاص الحي علي المعذبين Ù?ÙŠ الارض وقتلت منهم 11 او 12ØŒ ÙˆÙ?اءً لعنÙ? الدولة، Ù?ان طائÙ?Ø© من الصحاÙ?يين والمحللين وصنّاع الرأي تولوا اطلاق نيران الحقد والعنصرية بشكل مخيÙ? ازاء اناس لا يملك انسان سوي الا ان يتعاطÙ? معهم.

Û?Û?Û?

وليست هذه العنصرية جديدة او وليدة احداث الاسبوعين الماضيين، بل سبق ان خانت اصحابها Ùˆ Ù?اضت Ù?ÙŠ احدي الصحÙ? الصادرة بشمال المغرب قبل نحو شهر ونصÙ? عندما تحدثت عن الجراد الاسود الذي يغزو بلادنا . ماذا سيقول عنا البريطانيون؟ وماذا سيقول الاسبان عن الالاÙ? المؤلÙ?Ø© من المغاربة Ù?وق ارضهم؟ وماذا سيقول الÙ?رنسيون عن ملايين المغاربيين؟ وماذا سيقول الالمان عن ملايين الاتراك ورعايا يوغسلاÙ?يا السابقة؟ وماذا سيقول البلجيكيون عن المغاربة؟
وقبيل ذلك Ù?اضت بصحÙ? الجزائر عندما قتل شاب اÙ?ريقي اخر جزائريا Ù?ÙŠ لحظة هياج اعقبت مباراة كرة بوهران، عاصمة الغرب. لم يتمالك شبان وهران انÙ?سهم Ù?شنوا حملة بالاسلحة البيضاء والهراوات لـ تطهير المدينة من الكحلان .
وبدل ان يقÙ? الصحاÙ?يون موقÙ? العقل، اختاروا، بعضهم دون وعي، لغة عنصرية منحطة Ù?ÙŠ وصÙ? ما حدث. علّقوا علي شماعة الاÙ?ارقة كل اÙ?ات المدينة التي تختزل Ù?ÙŠ الواقع اÙ?ات بلد ومجتمع كاملين. واسهبوا Ù?ÙŠ كلام عن السرقات (التي ÙŠÙ?زعم ان الاÙ?ارقة يقومون بها، عن التحرش بشرÙ? بنات المدينة، عن الوساخة التي جلبوها) الخ من كلام لا يختلÙ? نهائيا عن كلام الشارع Ù?شكل وقود غضب الشبان الذين لاحقوا الاÙ?ارقة المساكين منتقمين لشرÙ?هم.
Ù†Ù?س السيناريو تكرر Ù?ÙŠ مدن المغرب، والاخطر Ù?ÙŠ صحاÙ?ته الاسبوعين الماضيين: كلام عن الامراض التي جلبها العزّية معهم، عن الايدز، عن اغتصاب Ù?تاة هنا او هناك، عن سرقة وجرائم غير معلومة بوضوح.
بذهول كبير اÙ?تيح لي قراءة تقارير لصحاÙ?يين مغاربة يقولون بصريح العبارة ان الرصاص هو الرادع الوحيد امام هؤلاء الاÙ?ارقة لدÙ?عهم الي العودة من حيث اتوا .
ولا تختلÙ? ليبيا التي Ù?تحت احضانها، بتوجيه من العقيد القذاÙ?ÙŠØŒ لالاÙ? الاÙ?ارقة استوطنوا Ù?يها واخرين جعلوها معبرا نحو ايطاليا. واكتشÙ? المجتمع الليبي ان التوجه الرسمي والابواب المشرّعة للاÙ?ارقة وضعه Ù?ÙŠ مواجهة معهم. ثم جاءت الضغوط الاوروبية Ù?انقلبت ليبيا، حكومة وشعبا، علي Ù†Ù?س ضيوÙ? الامس Ù?بدأت حملة القنص. والمحصلة اليوم ان ليبيا الرسمية تتباهي بدورها البوليسي وتÙ?زايد علي جيرانها بعدد الاÙ?ارقة الذين اعادتهم الي جحيم بلدانهم.
لماذا ابانت مجتمعاتنا عن هذا الكم من العنصرية رغم انها هي ذاتها ضحية عنصرية، ورغم انها هي ذاتها مصدّرة لمهاجرين كثيرا ما تألمنا لحال الذين تعرضوا لاعتداءات عنصرية منهم؟
لن ألوم رجل الشارع، Ù?نحن مجتمعات منغلقة اولا، وتÙ?شت Ù?يها الامية والجهل وعشعشعت Ù?يها العصبية القبيحة. مجتمعات ما زالت تعرّÙ? الناس بعرقهم، ÙˆÙ?ÙŠ احسن الاحوال بجغراÙ?يتهم. عندنا يشتكي العاصميون من الزحÙ? الريÙ?ÙŠ (رغم ان العاصمة مثل امريكا لا احد ابنها حقا، بل كل سكانها واÙ?دون) ويشيرون لجيرانهم بـ دار الوهراني Ùˆ دار القبايلي Ùˆ دار السوÙ?ÙŠ . ولا تختلÙ? المدن الكبري الاخري. بل لا تختلÙ? القري والبلدات حتي اصبحت عبارة كلانا البراني اكثر العبارات تداولا.
ولن اصدّق ان الامر مختلÙ? Ù?ÙŠ المغرب ÙˆÙ?ÙŠ تونس وبقية الدول المشابهة.
لن ألوم هؤلاء. ألوم مؤسسات صناعة الرأي وتوجيه الاخبار والرأي العام. لم ار ان التلÙ?زيون المغربي خصص لمأساة المهاجرين الاÙ?ارقة Ù?ÙŠ سبتة ومليلية ما يستحق من اهمية. وعندما Ù?عل، لم يخرج عن الروايات الرسمية التي حاولت اقناعنا ان قوي الامن المغربية كانت أحن علي هؤلاء المساكين من امهاتهم، وان الادارة لم تهجرهم للموت Ù?ÙŠ الصحراء وانها لم تسع لاختلاق مشكلة مع الجزائر بتخليها عنهم قرب حدود جارتها.

Û?Û?Û?

اما السياسيون Ù?التزموا صمتا يزكي معاملة ارتقت الي صÙ? الاجرام. بعضهم صمت دهرا ثم نطق ÙƒÙ?را مثل حزب العدالة والتنمية (اسلامي) Ù?اكتشÙ? ان الجزائر طرÙ? Ù?ÙŠ الموضوع Ù?دعاها الي تحمل مسؤوليتها. هكذا، كأنما اكتشÙ? الدولاب. الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، احد اكبر احزاب الحكومة والبرلمان، طالب بمعالجة الظاهرة بما تمليه التقاليد المغربية. نسي Ù?قط ان يحدد اية تقاليد يقصد، تقاليد المخزن ØŒ ام تقاليد القمع، ام التقاليد التي انجبت تازمامرت ودرب مولاي الشريÙ? وقلعة ماكودة؟
لم يجرؤ الحزب العتيد ذي الرصيد النضالي اليساري الطويل، علي التنديد بالعنÙ? الذي تعرض له المعذبون Ù?ÙŠ سبتة ومليلية وغابات الناضور وبليونش.
لم يجرؤ علي الالتماس من الحكومة ان تعامل الاحياء بحد ادني من الكرامة.
اما الحكومة، Ù?انظروا ما اقترح المتحدث باسمها، نبيل بن عبد الله، عندما حاصره صحاÙ?يون بالاسئلة Ù?ÙŠ باريس: علي العالم ان يهتم بمصير مهاجرين (اخرين) بالصحراء الجزائرية . بلغة العند الطÙ?ولي لماذا تحاسبوني انا وحدي .
ما من شك ان الجزائر، وان لم تتصرÙ? بنÙ?س العنÙ? والشراسة، Ù?قد وقÙ?ت تتÙ?رج علي معاناة جارتها مع المهاجرين الاÙ?ارقة. اكاد اقول انها وقÙ?ت موقÙ? المتلذذ، لكن ان يداÙ?ع مسؤول رسمي عن حكومته باحالة السائلين لماذا لا تهتموا بالجزائر؟ ØŒ Ù?هذه ذروة البؤس السياسي.
عليّ ان اسجل ان الحزب الوحيد الذي تجرأ بصراحة علي رÙ?ض ما ارتÙ?كب بحق المعذبين Ù?ÙŠ سبتة ومليلية، هو حزب اليسار الاشتراكي الموحد. بالاضاÙ?Ø© الي جمعيات اخري تستحق التحية تتقدمها الجمعية المغربية لحقوق الانسان.
Ù?ÙŠ الاخير، عذرا ايها الضحايا، لا تتوسلوا سائلين لماذا Ù?علتم بنا كل هذا ونحن اÙ?ارقة مثلكم . انتم لستم مثلنا، انتم اÙ?ضل منا.
منكم نعتذر، ونحوكم نشعر بالعار والخزي.
كاتب من اسرة القدس العربي
toufik@alquds.co.uk
2

Source: Al-Quds Al-Arabi

Topic
Archive