قلم رصاص – ,العدد 3 – نادي Ù?لسطين العربي
على ما يبدو Ù?إن الولايات المتØدة الأمريكية قد بدأت تستخلص العبر بعد Øالة الاختناق الذي يعاني منها النظام العالمي الجديد وتعيد النظر Ù?ÙŠ استراتيجياتها. الØرب الباردة انتهت بمرØلة كلينتون ومØاولة Ù?رض السلام الأمريكي على العالم (اتÙ?اق اوسلو، العدوان على الصومال ويوغسلاÙ?يا والسودان، تشديد الØصار على العراق) Ù?قد الإسلام السياسي الذي شكل ØليÙ?ا مهما Ù?ÙŠ مواجهة الاتØاد السوÙ?ييتي عقائديا وعسكريا دوره وتØوّل إلى عبء على توازنات مرØلة كلينتون وتدريجيا إلى عدو جديد (ومرغوب طالما بقي تØت السيطرة) Ù?ÙŠ عملية التعبئة الإمبريالية، إلى أن دخلت المواجهة طورا جديدا عقب عملية نيويورك 2001 وانتقال إدارة جورج بوش إلى الهجوم الشامل أو ما عرÙ? بالـ “الØرب الدائمة على الإرهاب”ØŒ أي Ù?ÙŠ الØقيقة الØصاد الإمبريالي الشامل لما أسست له مرØلة التسعينيات سياسيا من ناØية قلب للموازين وتØييد وتصÙ?ية للقوى المعارضة، وأيديولوجيا من ناØية ظهور اللبرالية الجديدة وخلق عدو جديد هو الإسلام كما صوروه. الهجمة الإمبريالية الجديدة أخذت من ناØية الترويج المØلي الأمريكي طابع الØرب الصليبية على الإسلام ونزع الطابع البشري عن المسلمين Øتى لا يبدون ضØايا لهجمة عدوانية تستهدÙ? بلادهم وخيراتها ÙˆØرب إبادة بل Øيوانات وإرهابيين يجوز ويجب قتلهم.
على ما يبدو تقوم إدارة بوش اليوم بمراجعة هذه المواجهة المÙ?توØØ© بعد عجزها عن تصÙ?ية بؤر المقاومة (وخاصة Ù?ÙŠ العراق وأÙ?غانستان)ØŒ لتتØول إلى طور جيد من استيعاب جزء من الإسلام السياسي وتوظيÙ?Ù‡ Ù?ÙŠ Øربها على المقاومة Ù?ÙŠ بعدها الإسلامي. نعني هنا بالبعد الإسلامي البعد الثقاÙ?ÙŠ الهوياتي الراÙ?ض للاستعمار والتعبير الجهادي عن هذا الرÙ?ض، Ù?نسمع اليوم ÙˆÙ?ÙŠ كل أنØاء العالم عن مؤتمرات وندوات Øول الإسلام Ø§Ù„Ù…ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙˆØ§Ù„Ù†Ø§Ø¨Ø° للإرهاب، تقوم بها بعض المرجعيات الدينية المزعومة وبعض القيادات السياسية التي خرجت من عباءة الأمريكيين أو زØÙ?ت تØتها من أجل تسويق إسلام مدجّن لبرالي، أي أن الولايات المتØدة ترغب بالانتقال من توظيÙ? الإسلام السياسي Ù?ÙŠ مكاÙ?ØØ© الشيوعية ومØاربة كل القيم التي شكلت Ù?ÙŠ الماضي تهديدا للاستعمار وعملائه، إلى توظيÙ?Ù‡ Ù?ÙŠ مكاÙ?ØØ© الإسلام Ù†Ù?سه! ولا تعدم أمريكا هنا Ù†Ù?را من الأدعياء والانتهازيين والمنظمات الوهمية أو الÙ?علية التي تدعو ظاهريا إلى Ù„Øوار والسلام ونبذ العنÙ?ØŒ وعمليا إلى قبول الأمر الأمريكي الواقع والدخول Ù?ÙŠ الØوار العقيم بين الضØية والجلاد.
Ù?ÙŠ هذا السياق Ù?قط يمكن Ù?هم “مؤتمر Ø§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø¯ÙŠÙ†ÙŠ” الذي شهدته Ù?يينا Ù?ÙŠ أواسط تشرين الثاني (نوÙ?مبر) والذي شاءت الكوميديا السوداء أن يكون جلال طالباني عميلهم Ù?ÙŠ العراق وكرزاي دميتهم Ù?ÙŠ Ø£Ù?غانستان أهم المتØدثين Ù?يه. الرسالة كانت هنا واضØØ© Ù?اضØØ©ØŒ Ù?قد Ù?همنا أي ØªØ³Ø§Ù…Ø Ø¯ÙŠÙ†ÙŠ يعنون.
Ù?ÙŠ إطار هذا التوجه الجديد جاءت أيضا دعوة ما يسمى بـ “رابطة السلام العالمي” إلى ندوة مع “قيادي أمريكي مسلم يدعو للØوار” يوم 8 تشربن الثاني (نوÙ?مبر)ØŒ وتØت عنوان “بين 11 سبتمبر ÙˆØرب العراق”. رابطة السلام العالمي هي الإسم الØركي للعصبة الدينية “كنيسة التوØيد” أو جماعة “مون”ØŒ وهي منظمة مثيرة للجدل تدعو ظاهريا إلى ÙˆØدة الأديان، وقد تم توظيÙ?ها Ù?ÙŠ خدمة السياسات الأمريكية إبان الØرب الباردة، Ù?لعبت على سبيل المثال دورا Ù?ÙŠ دعم وتمويل Øركة الكونترا الإرهابية التي أسستها الولايات المتØدة الأمريكية من أجل إسقاط الØكومة الاشتراكية Ù?ÙŠ نيكاراغوا.
الـ “الأمريكي المسلم” إسمه Øسب الدعوة بشّار عرÙ?ات، دمشقي الأصل، ومؤسس جمعية “التبادل والتعاون الØضاري” التي تكرَّم الداعون بنشر موقعها على الإنترنت، لنرى Ù?يه القدس الشريÙ? عاصمة لـ”إسرائيل”… الطامة الأكبر هي أن هذه الندوة نظمت (أيضا Øسب الدعوة الصريØØ©) تØت رعاية السÙ?ارة الأمريكية، وقد علمنا أن الجولة التي يقوم بها بشار عرÙ?ات تنظمها الخارجية الأمريكية التي لم تجد شريكا لها Ù?ÙŠ Ù?يينا بعد امتناع المؤسسات الإسلامية هنا عن المشاركة بسبب الغطاء الأمريكي الواضØØŒ Ù?عهدت بالمهمة إلى رابطة السلام العالمي، Ù?قامت هذه بدعوة الشخصيات العربية والإسلامية، وقد ظهرت النسخة الأولى على موقعها على الشبكة الدولية مشيرة إلى مشاركة كل من السادة جورج نيقولا عن الجالية الÙ?لسطينية، ومصطÙ?Ù‰ عبد الهادي عن المنتدى الÙ?لسطيني، وأيمن مراد عن رابطة الثقاÙ?Ø© الإسلامية، علما بأن السيد جورج نيقولا قد اعتذر عن المشاركة بعد نشر نص الدعوة وانكشاÙ? علاقة الندوة بالسÙ?ارة الأمريكية، Ù?ÙŠ Øين أعلن المنتدى الÙ?لسطيني أن لا صلة له بالموضوع وأن السيد مصطÙ?Ù‰ عبد الهادي Øاضر بصÙ?ته الشخصية، وهكذا بقى على المنصة آنÙ? الذكر عرÙ?ات والسيد أيمن مراد عن ربطة الثقاÙ?Ø© الإسلامية.
المثير للاهتمام هو توقيت هذه الØوارات وكثرتها، ما يدل على أنها إستراتيجية أمريكية جديدة من أجل تسويق إسلام لبرالي متأمرك Ù?ÙŠ مواجهة الإسلام المقاوم من ناØية، ولتسويق بعض الوجوه التي تمثل هذا التوجه وإعطائها شرعية عن طريق “الØوار” بينها وبين الأطراÙ? العربية والإسلامية الأخرى (كما Ù?عل هولاكو ملك التتار عقب Ù?شله Ù?ÙŠ إخضاع المنطقة العربية).
إن تسمية هذه العملية بالـ “Øوار” هي Ù?ÙŠ الواقع تسمية غير دقيقة، Ù?الØوار يتم بين أطراÙ? تسعى إلى التوصل إلى نتيجة إيجابية أو على الأقل إلى التعرÙ? على الآخر، وهذا الشرط منÙ?ÙŠ هنا لمعرÙ?تنا بالسياسة الأمريكية ذات التوجه العدواني الساÙ?ر، Ù?المسألة هنا هي مناورة أمريكية جديدة لاستيعاب بعض القوى غير الجذرية. هذا الØوار يعني تقبلنا الأمر الواقع وقبولنا التعايش معه، Ù?لا تخرج السياسة العربية هكذا عن طورها الأول منذ أيام سايكس بيكو ومشتقاتها ومراسلات الØسين بن علي مع خارجية الإنجليز مذكّرا إياهم بوعودهم إليه (ثمن الخيانة Ù?ÙŠ الØرب العالمية الأولى) وبمبادئ الØرية ÙˆØÙ‚ تقرير المصير التي تنادي بها أوروبا (منذ أيام غزوات نابليون ÙˆØملة الإنجليز على مصر Ù…Øمد علي بعدها)ØŒ وبمراسلات Ù…Ù?تي القدس أمين الØسيني مع المندوب السامي البريطاني أولا ومع الØكومات الألمانية والÙ?رنسية بعدها، Ù?يبقى أملنا أن يستÙ?يق ضمير الغرب ويستذكر هذه القيم، بينما يكتب المنتصرون التاريخ برصاصهم وبدمائنا.
إننا إذ ندعو كاÙ?ّة القوى العربية والإسلامية إلى الØذر من مثل هذه المشاريع وإلى مقاطعة هذا الشكل الÙ?جّ من التطبيع مع العدو الغازي، Ù?إننا ندعو هذه القوى أولا إلى Øوار Øقيقي بينها من أجل إرساء دعائم مشروع تØرر Ù?ÙŠ مواجهة الغزوة الاستعمارية الأمريكية، Øتى يتØول العرب والمسلمون إلى شريك Ù?علي Ù?ÙŠ أي Øوار ينشأ بين قوى هذا العالم.
Source: قلم رصاص