Site-Logo
Site Navigation

حوارات” مشبوهة Ù?ÙŠ Ù?يينا”

8. December 2005

قلم رصاص – ,العدد 3 – نادي Ù?لسطين العربي

على ما يبدو Ù?إن الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت تستخلص العبر بعد حالة الاختناق الذي يعاني منها النظام العالمي الجديد وتعيد النظر Ù?ÙŠ استراتيجياتها. الحرب الباردة انتهت بمرحلة كلينتون ومحاولة Ù?رض السلام الأمريكي على العالم (اتÙ?اق اوسلو، العدوان على الصومال ويوغسلاÙ?يا والسودان، تشديد الحصار على العراق) Ù?قد الإسلام السياسي الذي شكل حليÙ?ا مهما Ù?ÙŠ مواجهة الاتحاد السوÙ?ييتي عقائديا وعسكريا دوره وتحوّل إلى عبء على توازنات مرحلة كلينتون وتدريجيا إلى عدو جديد (ومرغوب طالما بقي تحت السيطرة) Ù?ÙŠ عملية التعبئة الإمبريالية، إلى أن دخلت المواجهة طورا جديدا عقب عملية نيويورك 2001 وانتقال إدارة جورج بوش إلى الهجوم الشامل أو ما عرÙ? بالـ “الحرب الدائمة على الإرهاب”ØŒ أي Ù?ÙŠ الحقيقة الحصاد الإمبريالي الشامل لما أسست له مرحلة التسعينيات سياسيا من ناحية قلب للموازين وتحييد وتصÙ?ية للقوى المعارضة، وأيديولوجيا من ناحية ظهور اللبرالية الجديدة وخلق عدو جديد هو الإسلام كما صوروه. الهجمة الإمبريالية الجديدة أخذت من ناحية الترويج المحلي الأمريكي طابع الحرب الصليبية على الإسلام ونزع الطابع البشري عن المسلمين حتى لا يبدون ضحايا لهجمة عدوانية تستهدÙ? بلادهم وخيراتها وحرب إبادة بل حيوانات وإرهابيين يجوز ويجب قتلهم.
على ما يبدو تقوم إدارة بوش اليوم بمراجعة هذه المواجهة المÙ?توحة بعد عجزها عن تصÙ?ية بؤر المقاومة (وخاصة Ù?ÙŠ العراق وأÙ?غانستان)ØŒ لتتحول إلى طور جيد من استيعاب جزء من الإسلام السياسي وتوظيÙ?Ù‡ Ù?ÙŠ حربها على المقاومة Ù?ÙŠ بعدها الإسلامي. نعني هنا بالبعد الإسلامي البعد الثقاÙ?ÙŠ الهوياتي الراÙ?ض للاستعمار والتعبير الجهادي عن هذا الرÙ?ض، Ù?نسمع اليوم ÙˆÙ?ÙŠ كل أنحاء العالم عن مؤتمرات وندوات حول الإسلام المتسامح والنابذ للإرهاب، تقوم بها بعض المرجعيات الدينية المزعومة وبعض القيادات السياسية التي خرجت من عباءة الأمريكيين أو زحÙ?ت تحتها من أجل تسويق إسلام مدجّن لبرالي، أي أن الولايات المتحدة ترغب بالانتقال من توظيÙ? الإسلام السياسي Ù?ÙŠ مكاÙ?حة الشيوعية ومحاربة كل القيم التي شكلت Ù?ÙŠ الماضي تهديدا للاستعمار وعملائه، إلى توظيÙ?Ù‡ Ù?ÙŠ مكاÙ?حة الإسلام Ù†Ù?سه! ولا تعدم أمريكا هنا Ù†Ù?را من الأدعياء والانتهازيين والمنظمات الوهمية أو الÙ?علية التي تدعو ظاهريا إلى لحوار والسلام ونبذ العنÙ?ØŒ وعمليا إلى قبول الأمر الأمريكي الواقع والدخول Ù?ÙŠ الحوار العقيم بين الضحية والجلاد.
Ù?ÙŠ هذا السياق Ù?قط يمكن Ù?هم “مؤتمر التسامح الديني” الذي شهدته Ù?يينا Ù?ÙŠ أواسط تشرين الثاني (نوÙ?مبر) والذي شاءت الكوميديا السوداء أن يكون جلال طالباني عميلهم Ù?ÙŠ العراق وكرزاي دميتهم Ù?ÙŠ Ø£Ù?غانستان أهم المتحدثين Ù?يه. الرسالة كانت هنا واضحة Ù?اضحة، Ù?قد Ù?همنا أي تسامح ديني يعنون.
Ù?ÙŠ إطار هذا التوجه الجديد جاءت أيضا دعوة ما يسمى بـ “رابطة السلام العالمي” إلى ندوة مع “قيادي أمريكي مسلم يدعو للحوار” يوم 8 تشربن الثاني (نوÙ?مبر)ØŒ وتحت عنوان “بين 11 سبتمبر وحرب العراق”. رابطة السلام العالمي هي الإسم الحركي للعصبة الدينية “كنيسة التوحيد” أو جماعة “مون”ØŒ وهي منظمة مثيرة للجدل تدعو ظاهريا إلى وحدة الأديان، وقد تم توظيÙ?ها Ù?ÙŠ خدمة السياسات الأمريكية إبان الحرب الباردة، Ù?لعبت على سبيل المثال دورا Ù?ÙŠ دعم وتمويل حركة الكونترا الإرهابية التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إسقاط الحكومة الاشتراكية Ù?ÙŠ نيكاراغوا.
الـ “الأمريكي المسلم” إسمه حسب الدعوة بشّار عرÙ?ات، دمشقي الأصل، ومؤسس جمعية “التبادل والتعاون الحضاري” التي تكرَّم الداعون بنشر موقعها على الإنترنت، لنرى Ù?يه القدس الشريÙ? عاصمة لـ”إسرائيل”… الطامة الأكبر هي أن هذه الندوة نظمت (أيضا حسب الدعوة الصريحة) تحت رعاية السÙ?ارة الأمريكية، وقد علمنا أن الجولة التي يقوم بها بشار عرÙ?ات تنظمها الخارجية الأمريكية التي لم تجد شريكا لها Ù?ÙŠ Ù?يينا بعد امتناع المؤسسات الإسلامية هنا عن المشاركة بسبب الغطاء الأمريكي الواضح، Ù?عهدت بالمهمة إلى رابطة السلام العالمي، Ù?قامت هذه بدعوة الشخصيات العربية والإسلامية، وقد ظهرت النسخة الأولى على موقعها على الشبكة الدولية مشيرة إلى مشاركة كل من السادة جورج نيقولا عن الجالية الÙ?لسطينية، ومصطÙ?Ù‰ عبد الهادي عن المنتدى الÙ?لسطيني، وأيمن مراد عن رابطة الثقاÙ?Ø© الإسلامية، علما بأن السيد جورج نيقولا قد اعتذر عن المشاركة بعد نشر نص الدعوة وانكشاÙ? علاقة الندوة بالسÙ?ارة الأمريكية، Ù?ÙŠ حين أعلن المنتدى الÙ?لسطيني أن لا صلة له بالموضوع وأن السيد مصطÙ?Ù‰ عبد الهادي حاضر بصÙ?ته الشخصية، وهكذا بقى على المنصة آنÙ? الذكر عرÙ?ات والسيد أيمن مراد عن ربطة الثقاÙ?Ø© الإسلامية.
المثير للاهتمام هو توقيت هذه الحوارات وكثرتها، ما يدل على أنها إستراتيجية أمريكية جديدة من أجل تسويق إسلام لبرالي متأمرك Ù?ÙŠ مواجهة الإسلام المقاوم من ناحية، ولتسويق بعض الوجوه التي تمثل هذا التوجه وإعطائها شرعية عن طريق “الحوار” بينها وبين الأطراÙ? العربية والإسلامية الأخرى (كما Ù?عل هولاكو ملك التتار عقب Ù?شله Ù?ÙŠ إخضاع المنطقة العربية).
إن تسمية هذه العملية بالـ “حوار” هي Ù?ÙŠ الواقع تسمية غير دقيقة، Ù?الحوار يتم بين أطراÙ? تسعى إلى التوصل إلى نتيجة إيجابية أو على الأقل إلى التعرÙ? على الآخر، وهذا الشرط منÙ?ÙŠ هنا لمعرÙ?تنا بالسياسة الأمريكية ذات التوجه العدواني الساÙ?ر، Ù?المسألة هنا هي مناورة أمريكية جديدة لاستيعاب بعض القوى غير الجذرية. هذا الحوار يعني تقبلنا الأمر الواقع وقبولنا التعايش معه، Ù?لا تخرج السياسة العربية هكذا عن طورها الأول منذ أيام سايكس بيكو ومشتقاتها ومراسلات الحسين بن علي مع خارجية الإنجليز مذكّرا إياهم بوعودهم إليه (ثمن الخيانة Ù?ÙŠ الحرب العالمية الأولى) وبمبادئ الحرية وحق تقرير المصير التي تنادي بها أوروبا (منذ أيام غزوات نابليون وحملة الإنجليز على مصر محمد علي بعدها)ØŒ وبمراسلات Ù…Ù?تي القدس أمين الحسيني مع المندوب السامي البريطاني أولا ومع الحكومات الألمانية والÙ?رنسية بعدها، Ù?يبقى أملنا أن يستÙ?يق ضمير الغرب ويستذكر هذه القيم، بينما يكتب المنتصرون التاريخ برصاصهم وبدمائنا.
إننا إذ ندعو كاÙ?ّة القوى العربية والإسلامية إلى الحذر من مثل هذه المشاريع وإلى مقاطعة هذا الشكل الÙ?جّ من التطبيع مع العدو الغازي، Ù?إننا ندعو هذه القوى أولا إلى حوار حقيقي بينها من أجل إرساء دعائم مشروع تحرر Ù?ÙŠ مواجهة الغزوة الاستعمارية الأمريكية، حتى يتحول العرب والمسلمون إلى شريك Ù?علي Ù?ÙŠ أي حوار ينشأ بين قوى هذا العالم.

Source: قلم رصاص

Topic
Archive